تجاهل أميركي لاختبار موسكو صاروخا نوويا

People watch as Topol M intercontinental ballistic missile launchers roll down the street during the parade rehearsal in Moscow, Russia, on Wednesday, May 7, 2014. Russia will hold a military parades marking the victory in WWII on May 9 all over the country including Sevastopol. (AP Photo/Ivan Sekretarev)
صاروخ روسي عابر للقارات قادر على حمل رأس نووي في استعراض للقوة (أسوشيتد برس-أرشيف)

ياسر العرامي-ديترويت

تجاهلت الولايات المتحدة إطلاق روسيا صاروخا نوويا عابرا للقارات في عملية يراها البعض اختراقا لمعاهدة الحد من التسلح النووي بين البلدين، حيث لم تبدِ واشنطن أي رد فعل معلن على هذه التجربة.

وأرجع مراقبون الصمت الأميركي لعدة اعتبارات من بينها تزامن التجربة الروسية مع انشغال الإدارة الأميركية ببحث سبل مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، إضافة إلى أن التركيز الدائم على تحركات بوتين يكرس في المقابل صورة عن ضعف الرئيس الأميركي باراك أوباما.

وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت الأربعاء الماضي تنفيذ تجربة إطلاق صاروخ عابر للقارات عن متن غواصة نووية في البحر الأبيض شمال غربي روسيا. وأفادت موسكو بأن الصاروخ من طراز "بولافا" أطلق من غواصة "فلاديمير مونوماخ" من تحت الماء وأصاب هدفه في شبه جزيرة كامشاتكا في أقصى الشرق الروسي.

واتفق محللون على أن التجربة الروسية الجديدة لن تلقى ردة فعل مباشرة من الولايات المتحدة، كما أنها في الوقت نفسه لن تثني واشنطن عن العقوبات التي تفرضها على موسكو، لكن الآراء تباينت بشأن ما إذا كانت هذه التجربة تعد خرقا للاتفاقات الأميركية مع موسكو بشأن الحد من التسلح النووي.

 بودفيغ: التجربة اختبار روتيني مقرر منذ فترة طويلة وليست خطرة (الجزيرة)
 بودفيغ: التجربة اختبار روتيني مقرر منذ فترة طويلة وليست خطرة (الجزيرة)

تغاضٍ أميركي
واستبعد الباحث في مجلس السياسة الخارجية الأميركية ستيفن بلانك انزعاج واشنطن من هذه التجربة. وقال للجزيرة نت إنها على ما يبدو "لا تشكل انتهاكا للمعاهدات القائمة، ولن يكون لها أي تأثير في العقوبات الغربية المفروضة على موسكو بسبب تدخلها بأوكرانيا، لأن تلك قضايا ليس لها علاقة بالأمر".

واتفق محرر مدونة "القوات النووية الإستراتيجية الروسية" الدكتور بافيل بودفيغ مع هذا الرأي، وأضاف في حديث للجزيرة نت أن "تجربة إطلاق صاروخ بولافا لا يمكن اعتبارها أمرا خطيرا، بل هي عملية اختبار روتيني كان مقررا منذ فترة طويلة، وليس له علاقة بأي شكل من الأشكال بالعلاقات الأميركية الروسية الحالية".

وأكد بودفيغ -وهو محاضر سابق في مركز ستانفود للأمن والتعاون الدوليين- أن هذا الاختبار لن يؤثر أيضا في العقوبات الأميركية ضد موسكو، أو أي جانب آخر من جوانب سياسة الولايات المتحدة تجاه روسيا.

في المقابل، رأى الباحث في معهد السياسة الدولية بواشنطن ماريك شودكيفيتش أن التجربة الروسية الجديدة تشكل انتهاكا واضحا لمختلف الاتفاقات وخروجا عن الإجماع الدولي، إلا أنه لفت في حديثه للجزيرة نت إلى أن "البيت الأبيض سيقلل من أهمية هذه التجربة لأن التركيز كثيرا على تحركات فلاديمير بوتين الجريئة يؤكد عجز أوباما".

وتوقع المتحدث أن يكون هناك القليل من الضجيج ولكن دون عواقب مؤثرة، معتبرا العقوبات المفروضة على الكرملين بسبب التدخل في أوكرانيا رمزية إلى حد ما، وبذلك فإن التجربة النووية الروسية لن تؤثر في العقوبات الغربية.

وخلص إلى القول إن "واشنطن تدرك أن هذه التجربة هي ببساطة مجرد استعراض موسكو لعضلاتها وذلك كجزء من اللعبة الكبرى".

ماتسوتشلي: العقوبات الأميركية ستدفع روسيا لمزيد من الاختبارات لقدراتها النووية(الجزيرة)
ماتسوتشلي: العقوبات الأميركية ستدفع روسيا لمزيد من الاختبارات لقدراتها النووية(الجزيرة)

العقوبات ماضية
من جهتها، قالت المحاضرة بجامعة نيويورك الدكتورة كوليت ماتسوتشلي إن تجربة روسيا النووية تؤكد وجود نمط من الانتهاك لمعاهدة موسكو الموقعة بين الولايات المتحدة وروسيا والخاصة بالحد من التسلح النووي.

لكنها اتفقت على عدم تأثيرها في نظام العقوبات. ورجحت أن تظل العقوبات التي أقرها الاتحاد الأوروبي نهاية الأسبوع الماضي على موسكو كما هي ما لم يكن هناك دليل من قبل الرئيس الروسي يؤكد التزامه بالحفاظ على الهدنة بين القوات الحكومية والانفصاليين الأوكرانيين الموالين لموسكو.

ورأت ماتسوتشلي أن أحدث العقوبات الأميركية التي فرضتها واشنطن الجمعة من المرجح أن تدفع روسيا إلى المزيد من الاختبارات لقدراتها النووية خلال خريف العام الجاري.

وفي دليل واضح على أن التجربة النووية الروسية لم تؤثر في قرار الإدارة الأميركية، فقد أقرت واشنطن أمس الجمعة -أي بعد يومين من إطلاق موسكو صاروخها العابر القارات- المزيد من العقوبات في مجالات النفط وصناعات الدفاع، كما فرضت مزيدا من القيود على إطلاع المصارف الروسية الكبرى على أسواق الديون والأوراق المالية الأميركية.

المصدر : الجزيرة