تركيا و الدعم الغربي لحزب العمال الكردستاني
وسيمة بن صالح-أنقرة
ولم تقتصر إمدادات السلاح لحزب العمال الكردستاني على الولايات المتحدة، بل امتد لدول غربية أخرى، حيث يقاتل مقاتلو حزب العمال تحت لواء قوات البشمركة الكردية التابعة لإقليم كردستان العراق.
واستبعد خبراء أكراد وأتراك أن تعلن تركيا موقفا عدائيا ضد هذا الدعم، في ظل تاريخ المواجهات بين الطرفين، حيث يقود الحزب منذ ثمانينيات القرن الماضي تمردا مسلحا ضد الدولة التركية ذهب ضحيته عشرات آلاف الضحايا.
وفي حين أشار محللون سياسيون مؤيدون للحكومة التركية إلى أن العلاقة التركية الكردية لن تعود لما كانت عليه من قبل، فإن صحفيين وممثلين عن القوى الكردية بتركيا اعتبروا أن هذه الأخيرة ستكون مجبرة على الخروج عن صمتها وتقوم بمبادرات تصب في صالح إنقاذ المنطقة من خطر "الجماعات المتطرفة"، في إشارة لتنظيم الدولة.
ويصف النائب البرلماني التركي عن حزب السلام والديمقراطية عادل زوزاني تنظيم الدولة بأنه جزء من "سايكس بيكو" جديدة ترعاها قوى غربية وتهدف من خلالها لجر الشرق الأوسط إلى حالة من الفوضى العارمة ومن ثم التدخل لحل الأزمة، وبالنتيجة تقبض مرة أخرى على مصير شعوب المنطقة بيدها.
قوة صاعدة
واعتبر زوزاني أن إنشاء جماعات تقف في وجه هذا التنظيم يعتبر "مسؤولية وواجبا إنسانيا لكل من يعيش في المنطقة".
وأكد المتحدث أن حزب العمال الكردستاني تحول إلى عنصر مهم في عملية إنشاء وإرساء النظام الديمقراطي في المنطقة، إضافة لبروزه قوة قادرة على التصدي لعناصر التنظيم في سوريا والعراق.
واعتبر زوزاني أن الغرب يمر بحالة من الازدواجية في تعامله مع المقاتلين الأكراد الأتراك الذين لجؤوا لشمال العراق منذ سنين، وأن تلك الازدواجية ناتجة عن "حاله الفزع" التي يعيشها الغربيون جراء ما وصفها بوحشية التنظيم.
وأشار إلى أن الغرب ونتيجة احتياجه لمقاتلي حزب العمال، فهو عمليا "يصفهم بالإرهابيين من جهة، ويحاول إبراز دورهم في حل الحرب الدائرة في العراق من جهة أخرى". وأكد أن الأكراد لم يعيروا في يوم من الأيام اهتماما لتقييم الغرب لهم، وأن ما يقومون به في العراق هو لحماية المدنيين أيا كان انتماؤهم. وبرر طلبهم للسلاح من الخارج بأنه "الخيار الوحيد لمواصلة حماية الأبرياء في المنطقة" حسب تعبيره.
لكنه أشار إلى أن المسؤولية الأكبر لحماية مستقبل المنطقة تقع على كاهل الأتراك والأكراد معا متوحدين، وعدم اللجوء للغرب. ودعا تركيا لاتخاذ قرارات حاسمة في هذا الاتجاه رغم صعوبة موقفها بسبب وجود رهائن أتراك بيد التنظيم، كما قال.
عين الرضا
بيد أن هناك من لا يتفق مع طرح زوزاني، ويرى أن تسليح حزب العمال الكردستاني ذي التاريخ المليء بالمواجهات مع الدولة التركية، لن يكون أمرا سارا لأنقرة.
ويقول الصحفي الكردي تشيتينار تشيتين إن تركيا لن تنظر بعين الرضا لتقديم حلفائها الأسلحة الثقيلة لمقاتلي حزب العمال الكردستاني. وتابع -وهو الخبير في الشأن الكردي- أنه ورغم ذلك يمكن القول إنها ستكون مجبرة في المدى القريب على قبول دعم الكردستاني في حربه ضد تنظيم الدولة، لكن أهم نقطة هي أن تحصل على ضمانات بأن الحزب لن يستعمل تلك الأسلحة ضدها مستقبلا.
وفسر صمت تركيا بأنه نابع من كون حزب العمال قد أثبت كفاءة مقاتليه في "إنقاذ حياة الأبرياء في العديد من المناطق شمال العراق، إضافة لفتحه قنوات لوصول المساعدات الإنسانية".
من جهة أخرى، أكد المحلل السياسي المقرب من الحكومة أفق جوشكون أنه لم يعد يوجد في سدة الحكم بتركيا من ينظر بعين العداوة للأكراد. ووصف حكومة حزب العدالة والتنمية بأنها أكثر "حكومة تركية صديقة للأكراد" عرفها تاريخ تركيا، حسب قوله.
وأشار إلى أنه بعد بدء عملية السلام ما بين أنقرة والأكراد دخل الجانبان مرحلة لا مكان لطريق العودة للوراء فيها، لأن الهدف هو مستقبل آمن للمنطقة ولا مجال لغير هذا الترجيح، حسب تعبيره.
يذكر أن عناصر تنظيم الدولة الإسلامية يحتجزون دبلوماسيين أتراكا منذ 11 يونيو/حزيران الماضي كانوا موجودين في القنصلية التركية في مدينة الموصل العراقية التي سيطر عليها التنظيم منذ ذلك الحين.