مسعى أكاديمي لتقليل ظاهرة الفساد في العراق

الجزيرة نت-دهوك
نظم عدد من الباحثين والأكاديميين من جامعات عراقية وعربية وأوروبية مؤتمرا في جامعة نوروز بمحافظة دهوك في كردستان العراق، لتسليط الضوء على أبرز الأسباب التي أدت إلى انتشار الفساد وسبل مكافحته.
وتضمن المؤتمر إلقاء 27 بحثا أكاديميا في محاولة لتشخيص أسباب انتشار الفساد الإداري والمالي حتى أصبح ظاهرة واضحة وملموسة في المجتمع العراقي.
يقول الباحث الأكاديمي علي سلمان من جامعة النهرين العراقية "إن العراق في المركز 129 في الدول الأنظف في سلم الفساد بحسب تقرير لمنظمة الشفافية العالمية، وفي تقرير آخر احتل المركز الثالث بالدول الأكثر فسادا بعد الصومال وميانمار من بين 180 دولة".
وأشار سلمان إلى أن الفساد كلف الدولة خسائر مادية كبيرة أدت إلى هدر ملايين الدولارات سواء بطرق شرعية أو غير شرعية.
ويرى أن من أبرز الأسباب التي أدت لبروز هذه الظاهرة "تشريع القوانين الممهدة للفساد وظهور المحاصصة وتمرير قوانين مقابل قوانين أخرى، كل هذا بات يحمل مسوغا قانونيا للقيام بالفساد".

القيادي الكبير
وأشار إلى أن "الحصانة التي يتمتع بها المشرع أو الموظف القيادي الكبير تجعله يرفض قرار الإحالة إلى القضاء استنادا إلى المادة 136 فقرة (ب) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 والتي تعطي الحق لمرجع المتهم إلى عدم الموافقة على قرار الإحالة".
وتؤكد الدكتورة زينة الطائي أن على العراق أن يلتزم بمعايير المنظمات المالية الدولية (مثل البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية) كونها تمنح قروضا للدول الأقل فسادا، مبينة أن "العراق لا يحتاج إلى قروض، إلا أن هذه القروض بمثابة ضمان لجلب شركات عالمية عملاقة إلى العراق".
وأوضحت أن هذه المنظمات لم تمنح العراق منذ العام 2009 أي قرض "لأن نسبة الفساد مرتفعة، حيث جاء العراق بالمرتبة الثالثة عالميا بالفساد بحسب تقارير هذه المنظمات".
وبينت زينة الطائي أن لهذه المنظمات الدولية تأثيرا كبيرا على العراق "فهي تسد بتقاريرها الطريق أمام الشركات العملاقة للدخول إلى العراق نتيجة التقارير التي تنشرها حول نسب الفساد".
أما الأكاديمية المتخصصة خالدة ذنون، فهي ترى أن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى تفاقم ظاهرة الفساد في العراق وتلخصها بالقول "إن أبرز هذه الأسباب تدني مستويات الرفاه الاجتماعي وازدياد معدلات البطالة، والسبب الأهم هو إساءة استخدام السلطة واستغلال المنصب الاداري في الجهات الحكومية، وهو يزيد بزيادة هيمنة القطاع العام على الأنشطة الاقتصادية فتظهر الرشوة وتعطل الإجراءات الإدارية".

قمة الهرم
وترى خالدة ذنون أنه ينبغي تفعيل دور "مؤسسات المجتمع المدني في العراق لفسح المجال أمامها للقيام بدورها الريادي في متابعة سير العمل في الدوائر الحكومية ورفع تقاريرها الخاصة بسير العمل في هذه المؤسسات مثل الكثير من المنظمات العالمية التي تحارب الفساد في دولها".
ويشدد أستاذ الاقتصاد هاشم زيباري على ضرورة أن تقوم الدولة بسن تشريعات في مكافحة القوانين وتأسيس مؤسسات وهيئات لتطبيقها على أرض الواقع، لكن الصعوبة التي تواجه هذه الهيئات الخاصة بالنزاهة هي أن "الفساد يوجد في قمة الهرم" وفق قوله للجزيرة نت، مشيرا إلى أن "المخرج منها هو الشدة في محاسبة المقصرين والفاسدين وفق القوانين التي شرعت لهذا الخصوص".
وقد ضم المؤتمر حضورا عربيا قدم عددا من الرؤى والأوراق البحثية لمواجهة انتشار ظاهرة الفساد الإداري في العراق، ويرى الدكتور جورج سعد من الجامعة اللبنانية أن تفعيل دور القضاء الإداري أمر مهم في هذه المرحلة.
وقال للجزيرة نت "بإمكان القاضي الاداري أن يلعب دورا هاما في مكافحة الفساد وذلك من خلال تحريك الدعاوى المتعلقة بالفساد الاداري في المحاكم ومتابعتها، فهذا سيكون رادعا كبيرا للكثير ممن يرغبون في ممارسة الفساد داخل مؤسساتهم".
وأشار سعد إلى أن بإمكان القاضي الإداري أن يتناول قضايا الفساد التي يقوم بها الجميع من الوزراء إلى الموظفين الصغار الذي يرتشون، فيقوم القاضي الإداري بتحريك هذه الدعاوى ومتابعتها، وهذا ما سيحد من هذه الظاهرة نوعا ما.