سباق إسرائيلي يستهدف تقسيم الأقصى
محمد محسن وتد-الجزيرة نت
ويشهد الائتلاف الحكومي الحاكم وأوساط القيادات الدينية والحاخامات سباقا محموما بتقديم مشاريع تستهدف المسجد الأقصى عبر تشكيل "مفوضية يهودية" موازية لدائرة الأوقاف الإسلامية تتولى ترتيب الصلوات التلمودية.
وتم في مطلع مايو/أيار الجاري طرح قانون بالكنيست الإسرائيلي (البرلمان) لإكساب الاقتحامات الجماعية للمسجد الصفة القانونية، مع التقسيم الزماني والمكاني لساحات الحرم القدسي الشريف -الممتدة على مساحة 144 دونما- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.
وبحسب القانون -الذي يعتمد بالأساس على التقسيم الزماني والمكاني الذي فرضته إسرائيل بـالمسجد الإبراهيمي بالخليل- سيتم السماح لليهود بإقامة الشعائر التلمودية بساحات الحرم ثلاث مرات يوميا، إذ يعتمد التقسيم على منع الوجود للفلسطينيين بساحات الأقصى خلال الأعياد اليهودية وحظر رفع الأذان وصلاة المسلمين بفترات زمنية محددة.
ويقضي القانون -الذي صنف كقانون أساسي يحظر إبطاله بموجب أنظمة الطوارئ- فرض عقوبة الإبعاد عن المسجد والسجن وغرامة مالية تصل لنحو 15 ألف دولار على كل من يخل بأنظمة التقسيم ويتصدى لاقتحامات اليهود للأقصى ويعيق الشعائر التلمودية.
قانون وتوصيات
وسعيا لإقرار القانون -الذي يحظى بدعم خمسين نائبا- يعقد بمبنى الكنيست يوم 25 مايو/أيار الجاري يوم دراسي بعنوان "السيادة الإسرائيلية على جبل الهيكل" -وهو المسمى الاحتلالي للمسجد الأقصى- بدعوة من وزراء وأحزاب معسكر اليمين المشاركة بالائتلاف الحكومي وبالتنسيق مع الجمعيات الاستيطانية التي تشرف على تهويد البلدة القديمة ومحيط المسجد الأقصى.
ويعتبر هذا اليوم هو الأول من نوعه ويأتي انعقاده بالتزامن مع الذكرى الـ47 لاستكمال احتلال القدس والأقصى، وتسميها إسرائيل "ذكرى توحيد شطري القدس".
ودعا الحاخام يهودا جليك -الذي يترأس مجلس إدارة "مؤسسة صندوق تراث الهيكل" والمشرف على مخطط "هليبا" الاستيطاني الداعي بالسماح لليهود باقتحام الأقصى وبناء الهيكل خلال اجتماع عقد مؤخرا لـ"منظمات الهيكل"- إلى فرض سيادة الاحتلال على ساحات الحرم، وطالب "الحاخامين" الرئيسيين بتغيير الفتوى والسماح لليهود بالاقتحام الجماعي والصلاة بساحات المسجد.
وحث موشيه فيجلين نائب رئيس الكنيست -الذي يرفض وجود الأوقاف الإسلامية وسيادتها على الأقصى- خلال الاجتماع نتنياهو على استعمال صلاحياته لتغيير الواقع بالمسجد لصالح اليهود بنقل السيادة للحكومة الإسرائيلية.
هيمنة واقتحام
وأفادت إحصائيات "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث" بأن قرابة ثلاثة آلاف مستوطن وضعفهم من الجنود وشرطة الاحتلال وعشرات آلاف السياح اقتحموا منذ مطلع العام الحالي ساحات الحرم. بالمقابل، تم منع من هم دون الخمسين من الفلسطينيين من الصلاة بالأقصى، واعتقال المئات من المسلمين المرابطين وإبعادهم عن المسجد وتخومه.
في الجانب الفلسطيني، يرى مدير أكاديمية المسجد الأقصى الدكتور ناجح بكيرات أن القراءة الإسرائيلية لساحات الحرم هي من منظور المشروع الصهيوني، مؤكدا أن "دولة الاحتلال تصر على تسخين الساحات وإشعال نيران المعارك بساحات المسجد عبر تزييف التاريخ وطمس المعالم والآثار العربية والإسلامية وفرض وقائع وحقائق على الأرض لتثبيت مزاعم الرواية اليهودية".
وشدد في حديثه للجزيرة نت على أن استهداف الأقصى ينسجم مع تطلع إسرائيل الإعلان بحلول عام 2050 عن "القدس الكبرى" عاصمة للشعب اليهودي بالعالم، لافتا إلى أن مثل هذه القوانين والإجراءات هدفها تشجيع المجتمع الإسرائيلي لتكثيف الاقتحامات للمسجد.
سيادة وإجماع
وبدورها، حذرت "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث" من الخطر المحدق بالأقصى والوجود الإسلامي والعربي بالقدس، وأبدت مخاوفها من تبعات وتداعيات السباق المحموم للقيادات الإسرائيلية بالمضي قدما بطرح قوانين ومشاريع للتفرد بالمسجد، وتقسيمه بين المسلمين واليهود والمساس بسيادة الأوقاف الإسلامية بفرض السيادة الاحتلالية.
ورفض المنسق الإعلامي للمؤسسة محمود أبو عطا في تصريح صحفي تلقت الجزيرة نت نسخة عنه الإجراءات الاحتلالية بساحات الحرم القدسي الشريف. وأوضح أن ممارسات إسرائيل باتت تأخذ منحى خطيرا بتكشف الأطماع اليهودية بالأقصى التي تعكس الإجماع الصهيوني باستهداف المسجد وبناء كنيس بساحاته لفرض واقع يمهد لإقامة الهيكل المزعوم.
ويرى أبو عطا أن تل أبيب تستغل الاضطرابات بدول الربيع العربي لتصفية الوجود الفلسطيني بالقدس والأقصى، وتطبق مخططها وفق المجريات والمتغيرات الإقليمية والدولية بفرض الوجود اليهودي والاستيطاني عبر تقنين الشعائر التلمودية وشرعنة الاقتحامات للأقصى وتقسيمه على غرار المسجد الإبراهيمي بالخليل.