حرب الرسائل بين "الدولة" و"النصرة" وانعكاساتها

عمان – على وقع حرب الرسائل المتبادلة بين تنظيمي الدولة الإسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة لأهل الشام، تستعر الحرب بينهما على الأرض في مناطق سورية لا سيما محافظتي دير الزور والرقة.
وبعد أيام من شنّ الناطق باسم تنظيم الدولة أبو محمد العدناني هجوما غير مسبوق على أمير القاعدة أيمن الظواهري واتهامه بأنه منح الشرعية للحرب التي تشنها فصائل سورية على تنظيمه، ووصفه لأول مرة أمير جبهة النصرة أبو محمد الجولاني بـ"الخائن"، جاء رد الناطق باسم النصرة أبو ماريا القحطاني بدعوة الفصائل السورية لإعلان الحرب على "الدولة"، واعتبار أن إسقاط نظام بشار الأسد لن يتم قبل سقوط "الدولة".
واعتبر البعض أن رد تنظيم الدولة على رسالة الظواهري عن طريق العدناني لا عن طريق أميرها أبو بكر البغدادي "تنزيلا من مرتبة التخاطب مع أمير القاعدة". وجاءت رسالة العدناني لتقطع آخر حبال العلاقة بين الدولة والقاعدة، حيث ذهب العدناني لأول مرة لمطالبة الظواهري بمبايعة أمير الدولة، وهي دعوة خرجت سابقا من أتباع للدولة لا من قياداتها.
ويرى مراقبون أن تنظيم الدولة بات في حل من تعهدات سابقة قطعها لإمارة تنظيم القاعدة بفتح جبهات في مصر وتونس وليبيا، وأعلن على الملأ تحلل الدولة من البيعة لأمير القاعدة، وسرد أمثلة على مخالفة الدولة لأوامر صدرت عن قيادة التنظيم، ودعا لأول مرة فروع القاعدة لإعلان موقفها من الخلاف مع القاعدة.
في المقابل، جاء رد الناطق باسم النصرة وقائد جبهتها الشرقية المشتعلة مع تنظيم الدولة صارخا، حيث اتهم الدولة بـ"الخيانة والكذب"، وأنهم "خوارج العصر"، وأنهم "خنجر مسموم"، معتبرا أن إسقاط نظام الأسد لن يتم قبل إسقاط تنظيمها في سوريا، ودعا الفصائل السورية المعارضة للتوحد على قتالها.
قيادي في التيار السلفي الأردني: لم تفلح كل المناصحات والرسائل والوساطات في ثني هذا التنظيم عن غيه، وتوقع أن يعلن قادة ومراجع بارزون في التيار السلفي الجهادي قريبا موقفا موحدا من تنظيم الدولة |
إحباط
واللافت في الرسالة أنها اتهمت تنظيم الدولة بمساعدة نظام الأسد عن طريق قطع طرق الإمداد عن المقاتلين في حمص وحلب. وبدا هذا السجال محبطا لقيادات في التيار السلفي الجهادي الأردني، الذي يقاتل نحو 1200 من أفراده في سوريا، وقال قيادي بارز في التنظيم للجزيرة نت" إن جماعة الدولة باتوا المعطل الرئيسي لمشروع الجهاد في أرض الشام".
وتابع القيادي -الذي رفض ذكر اسمه- "لم تفلح كل المناصحات والرسائل والوساطات في ثني هذا التنظيم عن غيه"، وتوقع أن يعلن قادة ومراجع بارزون في التيار السلفي الجهادي قريبا موقفا موحدا من تنظيم الدولة.
أما الخبير في شؤون الجماعات السلفية الجهادية حسن أبو هنية، فرأى أن السجال بات مستعرا بشكل خطير بين "دولة البغدادي، وجبهة الجولاني، وإمارة الظواهري"، لكنه اعتبر أن الوجه الأهم للحرب الحالية على الأرض في سوريا وعبر الرسائل هي "حرب على زعامة تنظيم القاعدة".
وقال للجزيرة نت "البغدادي تصرف كأمير للمؤمنين، ولم يتنازل للرد على الظواهري وترك الأمر للناطق باسم العدناني، وبنفس الطريقة ردت النصرة فلن يتنازل الجولاني للرد على الأخير فجاء الرد عن طريق القحطاني، وهو عوضا عن أنه ناطق رسمي، فهو قيادي سابق في تنظيم الدولة".
وأكثر ما يلفت النظر في رأي أبو هنية هو "تحلل الدولة تماما من بيعتها لتنظيم القاعدة، والتي كان أمير تنظيم قاعدة الجهاد في العراق أبو مصعب الزرقاوي الذي قتل بغارة أميركية عام 2006 بالعراق قد بايع من خلالها أسامة بن لادن".
ويشير إلى أن الحرب المستعرة اليوم "هي تعبير عن الخلاف السابق بين نهجين في القاعدة، نهج كان يقف وراءه الزرقاوي ويرى من أولوياته قتال الشيعة، وهو يخالف أولوية بن لادن ثم الظواهري والتي ترى أن الأولوية قتال المشروع الأميركي".
وتابع أبو هنية "الخلاف تاريخي لكنه يكبر اليوم ويصبح أوضح بعد أن استشعرت الدولة قوتها، وتريد توسيع إمارتها لإعلان الإمارة الكبرى عن طريق دعوة فروع القاعدة لقول كلمتها والتلميح بدخولها على خط فروع القاعدة في مصر وتونس وليبيا وربما غيرها".
ويخلص أبو هنية إلى اعتبار أن ما يجري يحتاج لإعادة تعريف لتنظيم القاعدة "الذي يشهد في سوريا ولادته الثالثة، بعد الولادتين الأولى في أفغانستان، والثانية في العراق، خاصة أن الولادة الحالية هي الأخطر لأنها تحولت إلى حرب بين نهجين: الأول يقاتل على أسس محلية وتبعا للظروف، والآخر يريد توحيد القتال في العالم كله عن طريق إعلان "دولة"، يكون تنظيم الدولة الحالي وأميرها نواتها".