طالبان والرئاسيات الأفغانية.. تراجع أم بيات تكتيكي؟

المحفوظ الكرطيط-كابل
تعهدت الحركة بنسف الاقتراع الذي تعتبره "ألعوبة احتلال"، ونفذت قبل الانتخابات عمليات نوعية بضرب أهداف ذات صلة مباشرة بالعملية الانتخابية، على رأسها مقر وزارة الداخلية ومقر المفوضية المستقلة للانتخابات وبعض فروعها، واستهدفت أجانب معنيين بالانتخابات من مراقبين وإعلاميين، وهو ما أسفر عن مقتل عدد منهم.
لكن يوم الاقتراع مر في جو خالٍ من أي أعمال عنف من شأنها أن تفسد المجرى العام للانتخابات، خاصة في ظل الإقبال الواسع على صناديق الاقتراع، مما جعل الكثير من المحللين يصفون التصويت بأنه استفتاء شعبي ضد حركة طالبان.
وتعليقا على ذلك، قال المحلل السياسي حبيب حكيمي إن طالبان حاولت أن تستعرض قوتها قبل الانتخابات بضرب أهداف حساسة بحثا عن الدعاية الإعلامية، وإنه لو كان بإمكانها أن تعرقلها لفعلت.

تشديدات أمنية
وبشأن الجو الأمني العام ليوم الاقتراع، قال حكيمي في تصريحات للجزيرة نت إن تراجع الحركة كان بفعل التشديدات الأمنية الواسعة التي فرضتها السلطات الأفغانية في العديد من المدن، وهو ما قلص من حجم تحركات مسلحي طالبان.
لكن المحلل الأفغاني يقر بأن قوة حركة طالبان لا تزال قائمة في المناطق ذات الأغلبية البشتونية في شرق وجنوب البلاد وبالمحاذاة لمنطقة القبائل الباكستانية لأنها تعتبر الحاضنة للحركة.
ويتوقع حكيمي أن تبقى طالبان قادرة على زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد بعد انسحاب القوات الدولية في نهاية العام الجاري إذا لم تستطع الحكومة المقبلة أن تتخذ موقفا حاسما ومختلفا تماما في مواجهة عناصر الحركة، الذين يصفهم الرئيس الحالي حامد كرزاي بأنهم "برادران" (إخوان باللغة الفارسية).
ويوضح حكيمي أنه إذا لم تستطع الحكومة المقبلة أن تحدث تغييرا اجتماعيا حقيقيا في المناطق التي تعتبر حاضنة للحركة، وأن تحل معضلات البطالة والفقر فإنها لن تتمكن من القضاء على الحركة أو تحقيق المصالحة معها.
في مقابل ذلك التحليل يمضي الأكاديمي الأفغاني مصباح الله عبد الباقي في اتجاه التشكيك في التقديرات المتواترة بشأن حجم المشاركة في الانتخابات، ويعارض بالتالي رأي الكثير من المحللين بأنها كانت استفتاء أو هبة شعبية لقول كلمة "لا" لحركة طالبان.

مبالغات الإعلام
ويرى عبد الباقي في تصريحات للجزيرة نت أنه تم تسليط الأضواء على الانتخابات الرئاسية بشكل مبالغ فيه من طرف وسائل الإعلام، وأن الصورة العامة التي روجتها هي انعكاس لما جرى في كبرى المدن فقط.
وبشأن قراءته لما جرى يوم الانتخاب والتواري الملفت للحركة، أوضح الأكاديمي الأفغاني أن طالبان لا تخوض حرب جبهات وإنما حرب عصابات، وبالتالي فعندما تكون هناك تشديدات أمنية فإن مسلحيها يتوارون للخلف لكنهم سرعان ما يعودون للواجهة عندما تخف تلك التشديدات.
وبشأن مستقبل حركة طالبان، يرى عبد الباقي أنها ستبقى حاضرة في الساحة الأفغانية ما دامت الولايات المتحدة مصرة على البقاء في البلاد بعد موعد الانسحاب الدولي وإنشاء قواعد عسكرية لها.
ولا يتوقع الأكاديمي الأفغاني أي تغيير جذري في الأوضاع الأمنية بالبلاد حتى بعد الانتخابات، إلا إذا تمكنت الحكومة المقبلة من تحقيق المصالحة مع حركة طالبان، وهو ما أخفقت فيه حكومة حامد كرزاي رغم المبادرات والمحاولات الكثيرة.