تصعيد بشرق أوكرانيا ينبئ بتكرار سيناريو القرم

سيطر مسلحون مؤيدون للانفصال عن أوكرانيا اليوم السبت على مزيد من المقار الأمنية والإدارية بشرق البلاد مما يثير مخاوف من تكرار سيناريو ضم روسيا شبه جزيرة القرم الشهر الماضي, في وقت لوّحت فيه مجموعة الدول السبع بفرض مزيد من العقوبات على موسكو.
وقالت الشرطة الأوكرانية إن مسلحين موالين لروسيا سيطروا على مبنى ثانٍ في سلافيانسك بشرق أوكرانيا يضم المقر المحلي لجهاز أمن الدولة.
وكان ما لا يقل عن عشرين مسلحا استولوا في وقت سابق اليوم على مقر شرطة المدينة التابعة لمقاطعة دونيتسك (150 كلم عن الحدود مع روسيا) واستولوا على نحو مائة قطعة سلاح وزعوها على المتظاهرين الذين يطالبون السلطات في كييف بتنظيم استفتاء يفضي إما إلى انفصال إقليم شرق أوكرانيا وانضمامه لروسيا, أو إقامة نظام فيدرالي يتمتع ضمنه الإقليم بالحكم الذاتي.
وقالت مراسلة الجزيرة في سلافيانسك إن السلطات حاولت التفاوض مع المسلحين لكن دون التوصل إلى تسوية, وأضافت أن نحو ألف متظاهر سيطروا أيضا على مبنى البلدية.
وتابعت رانيا دريدي أن السلطات أرسلت قوات من الشرطة إلى المدينة في محاولة للسيطرة على الوضع لكن تلك القوات امتنعت عن التدخل, مشيرة إلى نصب المسلحين نقاط تفتيش وتحصينات حول المقار التي احتلوها.
وكان متظاهرون من ذوي الأصول الروسية قد سيطروا قبل أيام على مقار حكومية وإدارية في بعض مدن شرق أوكرانيا, خاصة في دونيتسك ولوهانسك للمطالبة بتنظيم استفتاء على مستقبل الأقاليم الشرقية, مثلما حدث في شبه جزيرة القرم التي صوّت سكانها الشهر الماضي بأغلبية ساحقة لصالح الانضمام لروسيا التي ضمت الإقليم رسميا.
وفي وقت لاحق اليوم، استولى نحو مائة شخص على مقر الشرطة في مدينة دونيتسك ورفعوا فوقه علما خاصا بالأقاليم الشرقية. ولا يزال محتجون يحتلون المقر الإداري المركزي في المدينة, ويطالب بعض زعمائهم بإقامة "جمهورية شعبية" وبتدخل قوات روسية.
سيناريو القرم
وقالت مراسلة الجزيرة إن الوضع في شرق وجنوب شرقي أوكرانيا بدأ يتفاقم, وإن هناك أوجه شبه بين ما يحصل الآن وما حدث في القرم بعيد الإطاحة بالرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش نهاية فبراير/شباط الماضي.
وأضافت أن زيارة رئيس الوزراء الأوكراني المؤقت أرسيني ياتسينيوك أمس إلى شرق البلاد لم تلق تجاوبا من المحتجين. وكان ياتسينيوك قد وعد خلال الزيارة بمنح الأقاليم الشرقية مزيدا من الصلاحيات قبل انتخابات الرئاسة المقررة في 25 مايو/أيار المقبل.

وفي كييف, قال مراسل الجزيرة ناصر الحسيني إن آمالا عُلقت على زيارة رئيس الوزراء لشرق البلاد بيد أنها لم تتحقق, مشيرا إلى تواصل المفاوضات بين السلطة الحالية وبين المحتجين لتفادي تصعيد يمكن أن يعيد سيناريو القرم.
ونقل عن الداخلية الأوكرانية تأكيدها في بيان عدم اللجوء إلى القوة لإنهاء الأزمة الحالية, مع أن الوزارة كانت هددت برد قاسٍ على احتلال مقار أمنية وإدارة في سلافيانسك.
وقد دعا وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة أندري ديشيستيا اليوم روسيا إلى الكف عما وصفها بالأعمال الاستفزازية التي يقوم بها "عملاؤها" في شرق أوكرانيا.
ونفى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس أن يكون لبلاده عملاء أو قوات في شرق أوكرانيا. وكانت موسكو سبقت المحتجين (الناطقين بالروسية) في مطالبة كييف بإصلاحات دستورية تشمل منح الأقاليم الشرقية مزيدا من الصلاحيات.
تهديد بالعقوبات
في الأثناء, هددت مجموعة الدول الصناعية السبع (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا وإيطاليا واليابان ) بفرض مزيد من العقوبات على روسيا إذا حدث تصعيد في شرق أوكرانيا.
وجاء التهديد قبل أيام من اجتماع مرتقب في بروكسل للدول السبع لبحث أزمة أوكرانيا, ومناقشة مساعدات مالية محتملة لها.
كما يأتي قبل محادثات مرتقبة في جنيف بين روسيا وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة, في محاولة للتوصل إلى تسوية دبلوماسية للأزمة الأوكرانية. ولوحت روسيا بمقاطعة المحادثات في حال استخدمت السلطات الأوكرانية القوة ضد الناطقين بالروسية شرقي البلاد.
يُشار إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما هدد أول أمس بتشديد العقوبات على روسيا في حال تفاقم الوضع بشرق أوكرانيا.