القبلية تعمق أزمة أسوان

هدوء حذر في أسوان
الهدوء الحذر يسود شوارع محافظة أسوان (الجزيرة نت)

الجزيرة نت-أسوان

رغم تعدد الروايات عن أسباب الأزمة الدائرة بين قبيلتي الدابودية والهلايل بمحافظة أسوان جنوب مصر حاليا، فإن زيارة الميدان والحديث إلى طرفي النزاع تشي بأن أسبابا تتعلق بالتركيبة السكانية تحرك الخلاف وتدفعه باتجاه مزيد من التعقيد.

والدابودية فرع من قبيلة "الكنوز" التي تعد واحدة من أكبر القبائل النوبية، بينما ينسب الهلايل أنفسهم إلى قبيلة بني هلال التاريخية، وهو حديث ينكره النوبيون ويقولون إن الهلايل مجرد "مجموعات من الجمسة أي الرعاة".

نظرة استعلائية
وينظر النوبيون إلى الهلايل نظرة استعلائية ويعتبرونهم دخلاء، في المقابل يتعامل الهلايل مع النوبيين على أنهم أقلية بالنظر إلى عدد الهلايل الذي يقدر بأكثر من مائة ألف، غير أنه لا توجد إحصاءات رسمية بأعدادهم.

ويعتبر النوبيون أن ما حدث حلقة من حلقات ممنهجة تقوم بها الدولة منذ حكم الرئيس جمال عبد الناصر وحتى الآن لإحداث خلخلة في التركيبة السكانية، على نحو يغير توازنات القوى في المحافظة، معتمدة في ذلك على جلب مواطنين من الخارج وتوطينهم بالمحافظة.

‪مراد النوبي: الدولة لم تف بوعدها للنوبيين‬ (الجزيرة نت)
‪مراد النوبي: الدولة لم تف بوعدها للنوبيين‬ (الجزيرة نت)

ويؤكد مراد النوبي (مراكبي من قبيلة العببادة) أن الدولة "لم تف بأي وعد من وعودها للنوبيين الذين هجرتهم من ديارهم".

ويقول للجزيرة نت إن الحكومة منحت غير النوبيين "وخاصة الهلايل" أراضي وتسهيلات لزراعتها وسمحت لهم بإقامة مشروعات كبرى فيها، وبالمقابل غالبا ما ترفض طلبات النوبيين للحصول على أراض أو إقامة مشروعات.

السد العالي
وتابع  مراد النوبي "يكفي أننا خسرنا أراضينا لأجل بناء السد العالي الذي يوفر الكهرباء لمصر كلها، بينما أغلب بيوتنا لم يصلها كهرباؤه حتى الآن".

وكانت الحكومة قد استقدمت أعدادا من مواطني محافظات الصعيد للمساعدة في بناء السد العالي، وكان من بين هؤلاء "الهلايل" أو "الجمسة" كما يصر النوبيون على تسميتهم، حيث استوطنوا منطقة السيل الريفي، التي يمثل الدابودية أكثر من 80% من سكانها، وفق الحاج عويس النوبي.

ووفق نفس المتحدث فإن "الهلايل" استوطنوا منطقة السيل الريفي التي يمثل "الدابودية" أكثر من 80% من سكانها "ما خلف إحساسا لدى بعض النوبيين برغبة الدولة في تغيير التركيبة السكانية للمنطقة".

ولفت الحاج عويس (68 سنة وصاحب فالوكة نيلية) إلى أن الدابودية والهلايل لم يكن بينهم انسجام، غير أنهم كانوا يحاولون التعايش، إلى أن بدأ الهلايل يستغلون الأراضي الخالية في بناء منازل عشوائية، وبدأ أقاربهم يتوافدون من المحافظات الأخرى، وقد أثارت عملية التوطين غير الشرعية هذه غضب الدابودية، خاصة وأن أغلب سكان العشوائيات تحولوا إلى تجار مخدرات وبلطجية، ومارسوا البلطجة على أصحاب المكان الأصليين، بموافقة وزارة الداخلية".

الحاج عويس: لا يوجد بين الدابودية والهلايل أي نوع من الانسجام (الجزيرة نت)
الحاج عويس: لا يوجد بين الدابودية والهلايل أي نوع من الانسجام (الجزيرة نت)

ويتركز حديث النوبيين على حتمية رحيل الهلايل من أسوان، وهو حديث يرفضه الهلايل جملة وتفصيلا -على حد قول ياسر الهلالي (48 سنة صاحب مقهى) الذي أبدى استغرابه من مطالبة النوبيين بتهجير الهلايل من أسوان.

مطلب غير منطقي
وأوضح للجزيرة نت أن الهلايل يعيشون في أسوان منذ عشرات السنين، وأن أجيالا منهم ولدت وكبرت ولم تعرف لها بلدًا إلا أسوان "ومن ثم فإن الحديث عن طردهم غير منطقي".

وتابع الهلالي "الجميع يعلم أن كثيرين من الهلايل يرفضون سلوك بعض ذويهم المعتمد على العنف وأحيانًا البلطجة، لكن هذا لا يعني أن يقتل منا أكثر من عشرين رجلا، ثم يأتي من قتلهم ويطالب بطردنا، ونحن أكثر من مائة ألف شخص".

ولفت إلى أن مشكلة النوبيين بصفة عامة ليست في طريقة تعامل الهلايل أو عنفهم كما يقولون، وإنما هي مشكلة متعلقة بنظرتهم المتعالية لكل من لا ينتمي لهم، على حد قوله.

وأشار إلى أن النوبيين "يعتقدون أن محافظة أسوان بكل ما فيها من مصادر دخل ملك خاص لهم، ويكرهون أن ينازعهم أحد هذا الملك، ومن ثم فهم يرغبون في تهجير كل من لا ينتمي لهم من المحافظة، وكأن أسوان ليست محافظة مصرية يحق لأي مصري العيش فيها".

المصدر : الجزيرة