السيسي بين القصر وحسابات العسكر


أنس زكي-القاهرة
رغم أن تصريحات وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي أمام طلاب كليات عسكرية أمس الثلاثاء لم تتضمن تأكيدا حاسما على اعتزامه خوض انتخابات الرئاسة المقبلة، فإنها حملت أقرب الإشارات إلى ذلك وأوحت بأن الرجل ربما قطع الشك باليقين بعد أسابيع من التردد أو هكذا بدا عبر الإعلام المحلي.
وتراوحت ردود الأفعال بشأن تلك التصريحات ما بين حماس لدى مؤيدي السيسي الذين وضعوا عليه آمالهم واعتبروه "بطلا" خلصهم من الرئيس المنتخب محمد مرسي وبين فتور وانتقاد بين معارضيه الذين ما زالوا يرون فيه "وزيرا خان رئيسه الشرعي وانقلب عليه"، وقد أكد السيسي في البداية أنه لا يطمع في السلطة قبل أن يتحول تدريجيا نحو التمهيد لاقتناص المقعد الرئاسي.
وتكشف متابعة مواقع التواصل الاجتماعي أن الترحيب بترشح السيسي لم يقتصر على مؤيديه وإنما شارك فيه أيضا جزء من معارضيه كانت حجتهم أنهم يتمنون أن يصل الرجل إلى مقعد الرئاسة ليواجه مصيرا "محتوما" من وجهة نظرهم بعد أن قاد البلاد إلى انقسام سياسي وعنف اجتماعي وتراجع اقتصادي.

ولم يختلف الجانبان كثيرا في توقع فوز السيسي إذا ترشح فعليا بالنظر إلى غياب المنافس القوي من ناحية، ولما يبدو من أن الفوز محسوم لذلك الرجل الذي يحظى بدعم أجهزة الدولة الرئيسية من جيش ومخابرات وشرطة وقضاء وإعلام، فضلا عن تأييد قطاع لا بأس به من الشعب، أيا كانت الأسباب.
مجلس العسكر
وتوقف محللون سياسيون عند موقف السيسي وحرصه على عدم الحسم وإن بدا قريبا جدا من الترشح، ورأى نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية عماد جاد أن ترشح السيسي أصبح "أمرا واقعا وإن لم يحوله إلى إجراء فعلي عبر إجراءات الترشح التي لم يحن وقتها بعد".
ويؤكد هذا الرأي أيضا الباحث السياسي أشرف العطار، قائلا إن "كل المؤشرات باتت تفيد بأن السيسي أقرب ما يكون إلى الترشح للرئاسة خصوصا بعدما استخدم عبارات واضحة منها أنه لن يدير ظهره للشعب عندما يرى غالبية تريد منه الترشح".
وأضاف العطار أن القرار الأخير بشأن إعادة تشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذي جعل رئاسته لوزير الدفاع بشكل أساسي مقابل تقليص دور الرئيس في هذا الشأن، يصب في خانة ترشح السيسي ويرجع ذلك إلى أنه -من وجهة نظره- استهدف طمأنة قيادات كبرى بالمجلس بأن ترشحه للرئاسة لا يعني التخلي عنهم أو تهميشهم.
ولا يرى العطار أن تصريحات السيسي أمس شهدت تحولا حاسما، معتبرا أن التمهيد لترشحه يتم على نحو مطرد منذ فترة، مضيفا "ربما اختار السيسي هذا الموعد للإشارة إلى قرب ترشحه بعدما اكتمل إنجاز قانون الانتخابات الرئاسية وبدا أن فتح باب الترشيح لهذه الانتخابات سيكون قريبا".

تأخر الحسم
وعن سر تأخره في حسم أمر الترشح وإعلان ذلك، قال العطار إن الأمر يتعلق بمخاوف موجودة إزاء المشاكل الاقتصادية والأزمات التي تعاني منها مصر.
ويضيف "ولذلك جاءت خطوة تغيير الحكومة والدفع بوجوه جديدة يأمل من بيدهم الأمر أن تساعد في تحقيق تقدم، فضلا عن معلومات تشير إلى وجود ضابط كبير من الجيش مكلف بمتابعة العمل في كل وزارة".
ويرى المحلل السياسي بشير عبد الفتاح أن تصريحات السيسي الأخيرة تعني أنه "اقترب كثيرا من تأكيد ترشحه، وإحجامه حتى الآن عن الحسم المؤكد والواضح لهذا الأمر ينبع من كونه يرغب دائما في ترك مساحة للعدول أو التراجع توقعا لأي مفاجآت".
ويستبعد عبد الفتاح وجود "مخاوف" لدى السيسي إزاء رفاقه في الجيش، لكنه يرى أنه حريص على ألا يترك فاصلا زمنيا كبيرا بين تركه لمنصبه وزيرا للدفاع وبين ترشحه للرئاسة "ليسا خوفا من الرفاق وإنما لمعرفته أن ترشحه ليس محل إجماع سواء كان ذلك في الداخل أو الخارج".