المستعربون.. من العصابات الصهيونية إلى دولة الاحتلال

محمد هديب
شكل المستعربون أداة متقدمة من أدوات الحركة الصهيونية، تغيرت أشكالها وأسماؤها وأولوياتها منذ أن كانت ذراعا لعصابات حتى أصبحت ذراع الدولة الإسرائيلية. لكنها كانت وبقيت حتى اللحظة أداة لاحتلال فلسطين ومحاولة وأد أي حراك للمقاومة.
المهام المبكرة
وفي خضم الحرب العالمية الثانية كان اغتيال العرب -سواء القيادات أو إيقاع أكبر الخسائر بين المدنيين- في مقدمة مهمات المستعربين، وكان التجنيد موجها في المقام الأول لليهود من أصول عربية، لسهولة إتقان اللهجة المحلية.
وكان من المهام التي تضطلع بها هذه الوحدات: تزويد جهاز الاستخبارات بمعلومات عن شحنات الأسلحة والتدريبات والاستعدادات العسكرية للعرب، واستكشاف المناطق التي كان رجال البالماخ ينوون القيام بعمليات فيها.
وثمة أدوار خارجية لعبها المستعربون مثل تفجير كنيس معسودة شخطوف في بغداد عام 1951، لإشاعة الخوف بين اليهود العراقيين ودفعهم للهجرة إلى إسرائيل، وتفجير ميناء طرابلس في لبنان، وزرع العميل إيلي كوهين في سوريا الذي اكتشف أمره وأعدم عام 1965.
لكن المهام الأساسية داخل فلسطين المحتلة كانت جلَّ ما يقع على هذه الوحدات، سواء داخل فلسطين 1948 في المثلث والجليل والنقب، أو الضفة الغربية وقطاع غزة.
وعقب نكبة فلسطين وقيام دولة إسرائيل، أنشئ جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي المسمى الشاباك، ومن هنا بدأ التنسيق والتخطيط بين وحدات المستعربين وجهاز الأمن الذي يوفر المعلومات والخلفيات حول النشطاء الفلسطينيين.
ويمكن القول إن أشد مراحل الاستعراب شراسة كانت في مواجهة مقاومة الفلسطينيين، وخصوصا المسلحة منها، كما كان في غزة عقب احتلالها عام 1967.
يعترف مئير داغان في شهادة له بحجم الدماء الفلسطينية التي سفكتها وحدة ريمون، إذ قال: عندما وصلت إلى غزة كانت لدينا قائمة تتضمن ثلاثمائة مطلوب. عندما غادرتها (أي بعد ثلاث سنوات) كان في القائمة عشرة أسماء فقط |
حيث برزت في هذه المرحلة وحدة ريمون التي أسسها أرييل شارون قائد المنطقة العسكرية الجنوبية في القطاع، وتعد الأساس الذي انطلقت منه وحدات أخرى منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987.
ويعترف داغان في شهادة له بحجم الدماء الفلسطينية التي سفكتها هذه الوحدة، حيث قال "عندما وصلت إلى غزة، كانت لدينا قائمة تتضمن ثلاثمائة مطلوب. عندما غادرتها (أي بعد ثلاث سنوات) كان في القائمة عشرة أسماء فقط".
ولا تتوافر أرقام دقيقة حول ضحايا وحدات المستعربين، لكن بحسب كتاب "المستعربون فرق الموت الصهيونية" لمؤلفه غسان دوعر فقد قتلت أفراد تلك الوحدات 422 فلسطينيا ما بين عامي 1988 و2004.