المستعربون.. من العصابات الصهيونية إلى دولة الاحتلال

محمد هديب

شكل المستعربون أداة متقدمة من أدوات الحركة الصهيونية، تغيرت أشكالها وأسماؤها وأولوياتها منذ أن كانت ذراعا لعصابات حتى أصبحت ذراع الدولة الإسرائيلية. لكنها كانت وبقيت حتى اللحظة أداة لاحتلال فلسطين ومحاولة وأد أي حراك للمقاومة.

ويمكن وصف وحدات المستعربين بوحدات عسكرية سرية عرفت رسميا في بداية الأربعينيات من القرن المنصرم، ونفذت مهام استخبارية لصالح العصابات الصهيونية، عبر التغلغل في أوساط الفلسطينيين.
 
ومن أشهر هذه الوحدات البالماخ، وهي الذراع المتقدمة لمنظمة الهاغاناه التي تعد من أوائل المنظمات التي أسست هذه الوحدات السرية. كان ذلك عام 1942، علما بأن فكرة التغلغل في الوسط العربي بفلسطين تعود جذورها الأولى إلى بدايات القرن العشرين، حيث عمد أفراد عصابة هاشومير -وهي أول جمعية صهيونية تأسست على أرض فلسطين العربية عام 1909- إلى الانخراط في حياة البدو في المنطقة التي انتشروا فيها.

المهام المبكرة
وفي خضم الحرب العالمية الثانية كان اغتيال العرب -سواء القيادات أو إيقاع أكبر الخسائر بين المدنيين- في مقدمة مهمات المستعربين، وكان التجنيد موجها في المقام الأول لليهود من أصول عربية، لسهولة إتقان اللهجة المحلية.

إعلان

وكان من المهام التي تضطلع بها هذه الوحدات: تزويد جهاز الاستخبارات بمعلومات عن شحنات الأسلحة والتدريبات والاستعدادات العسكرية للعرب، واستكشاف المناطق التي كان رجال البالماخ ينوون القيام بعمليات فيها.

وثمة أدوار خارجية لعبها المستعربون مثل تفجير كنيس معسودة شخطوف في بغداد عام 1951، لإشاعة الخوف بين اليهود العراقيين ودفعهم للهجرة إلى إسرائيل، وتفجير ميناء طرابلس في لبنان، وزرع العميل إيلي كوهين في سوريا الذي اكتشف أمره وأعدم عام 1965.

لكن المهام الأساسية داخل فلسطين المحتلة كانت جلَّ ما يقع على هذه الوحدات، سواء داخل فلسطين 1948 في المثلث والجليل والنقب، أو الضفة الغربية وقطاع غزة.

وعقب نكبة فلسطين وقيام دولة إسرائيل، أنشئ جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي المسمى الشاباك، ومن هنا بدأ التنسيق والتخطيط بين وحدات المستعربين وجهاز الأمن الذي يوفر المعلومات والخلفيات حول النشطاء الفلسطينيين.

وحدة ريمون
ويمكن القول إن أشد مراحل الاستعراب شراسة كانت في مواجهة مقاومة الفلسطينيين، وخصوصا المسلحة منها، كما كان في غزة عقب احتلالها عام 1967.
يعترف مئير داغان في شهادة له بحجم الدماء الفلسطينية التي سفكتها وحدة ريمون، إذ قال: عندما وصلت إلى غزة كانت لدينا قائمة تتضمن ثلاثمائة مطلوب. عندما غادرتها (أي بعد ثلاث سنوات) كان في القائمة عشرة أسماء فقط
 
حيث برزت في هذه المرحلة وحدة ريمون التي أسسها أرييل شارون قائد المنطقة العسكرية الجنوبية في القطاع، وتعد الأساس الذي انطلقت منه وحدات أخرى منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987.
 
ونشطت "ريمون" في سبعينيات القرن الماضي برئاسة النقيب وقتذاك مئير داغان ورئيس الموساد فيما بعد (2002-2010) ضد المقاومة الشعبية في غزة.

ويعترف داغان في شهادة له بحجم الدماء الفلسطينية التي سفكتها هذه الوحدة، حيث قال "عندما وصلت إلى غزة، كانت لدينا قائمة تتضمن ثلاثمائة مطلوب. عندما غادرتها (أي بعد ثلاث سنوات) كان في القائمة عشرة أسماء فقط".

 
قبيل انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الأولى في 1987 بدأ عمل وحدة دوفدوفان في الضفة الغربية وقد أسسها إيهود باراك قائد المنطقة الوسطى آنذاك، أما وحدة شمشون فقد كانت منطقة عملها في قطاع غزة.

ولا تتوافر أرقام دقيقة حول ضحايا وحدات المستعربين، لكن بحسب كتاب "المستعربون فرق الموت الصهيونية" لمؤلفه غسان دوعر فقد قتلت أفراد تلك الوحدات 422 فلسطينيا ما بين عامي 1988 و2004.

إعلان
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

إعلان