المرأة الجزائرية تنافس بالسياسة ما دون الرئاسة


ياسين بودهان-الجزائر
تعتقد رئيسة جمعية الجزائريات المسيرات وسيدات الأعمال خديجة بلهادي أن المرأة الجزائرية حققت نجاحات كبيرة في مجال المال والأعمال، لكنها لم تحقق ذلك في ميدان السياسة. وترى أن زهد المرأة الجزائرية في الترشح لمنصب الرئاسة ليس بسبب عدم كفاءتها وقدرتها على تولي هذا المنصب، ولكن لأنها حديثة العهد بممارسة السياسة.
وتبقى زعيمة حزب العمال لويزة حنون الجزائرية الوحيدة التي ستخوض غمار الرئاسيات القادمة وللمرة الثالثة على التوالي، وهو ما يطرح تساؤلا عن أسباب إقدامها على تلك الخطوة في حين تزهد باقي الجزائريات في ذلك.

ورغم أن القانون يسمح للمرأة بالترشح للرئاسة مثلها مثل الرجل، فإنها اكتفت بالتنافس على باقي المناصب السياسية على غرار مقاعد البرلمان أو المجالس البلدية المنتخبة محلياً، وهذا الأمر في تقدير متابعين تتحكم فيه عوامل عدة منها غياب التنشئة السياسية للمرأة، إلى جانب العادات والتقاليد التي تطبع المجتمع الجزائري، الذي تنظر غالبيته إلى السياسة على أنها ميدان غير نظيف ولا يليق بالمرأة أن تخوض غماره.
وفي تقدير خديجة بلهادي -وهي سيدة أعمال تمتلك شركة مقاولات- فإن المرأة الجزائرية تتحمل جزءاً من المسؤولية في غيابها عن هذا الاستحقاق، وسبب ذلك برأيها أن الجزائرية لا تواجه أية عراقيل تحول بينها وبين الترشح.
وتنفي خديجة في حديثها للجزيرة نت أن تكون العادات والتقاليد أو عقلية المجتمع، التي ترفض أن تكون المرأة رئيسة للجمهورية، هي سبب غياب المرأة عن الترشح، لكنها تقول إنها مؤمنة بفكرة التدرج. وتوضح فكرتها بالقول إن الجزائرية حديثة عهد بالسياسة "لذلك من غير الممكن بعد سنة أو سنتين من النضال السياسي أن تترشح لمثل هذا المنصب".

حضور محتشم
أما رئيسة حزب العدل والبيان نعيمة صالحي فقد قالت للجزيرة نت إن زهد المرأة عن الترشح ليس بسبب غياب الكفاءة، لكن لنقص الإمكانيات المالية، كما أن أغلب النساء برأيها لا يجدن أحزاباً تقدمهن كمترشحات.
وعن أسباب عدم ترشحها كونها تترأس حزباً سياسياً، أشارت إلى أنها لا تؤمن بحرق المراحل، ولا يكفي -برأيها- تأسيس حزب في ظرف سنة أو سنتين يتم من خلاله خوض منافسة في حجم الرئاسيات.
وأضافت أن تجربة الجزائر تبقى مهمة على المستوى العربي على اعتبار أن حنون هي المرأة العربية الوحيدة أيضاً التي نافست الرجل على منصب الرئيس، وفي تقديرها فإن الجزائر -شأنها شأن الدول العربية الأخرى- ليست مستعدة بعد لأن تحكمها امرأة.

وعن أسباب الظاهرة، يعتقد الخبير في علم الاجتماع السياسي يوسف حنطابلي أن حضور المرأة الجزائرية في المشهد السياسي لم يكن بإرادتها وإنما دُفعت إلى ذلك دفعاً، وذلك ناتج برأيه عن غياب وعي حقيقي لدى المرأة سابقاً بضرورة وأهمية مشاركتها في العملية السياسية.
ورصد في حديثه للجزيرة نت أسبابا عدة يراها موضوعية، أهمها خصوصية المجتمع الجزائري وهي أن الفضاء العمومي في هذا المجتمع سواء كان سياسياً أو ثقافياً أو اجتماعياً هو فضاء ذكوري بالدرجة الأولى.
كما تحدث عن تأثير ما يسمى في علم الاجتماع الثقافي بـ "المخيال"، ذلك أن الموروث الاجتماعي والثقافي والديني مشحون بنظرة تعيب مشاركة المرأة في السياسية.
وفي تقديره فإن ثقل العادات والتقاليد كرست هذا المخيال، فالفرد الجزائري مهما تبنى من فكر تحرري يبقى مشحوناً بنظرة تقليدية تجعله في حياته اليومية أسيراً لهذه الثقافة، وهي أن المرأة ليست مؤهلة بعد لأن تحكم.
هذه النظرة -في تقدير حنطابلي- لا تنقص من قيمة المرأة، لكنها موروث لم يستطع الفرد الجزائري، وأيضا العربي والمسلم، أن يتخلص منه.