فلسطينيون: عيادة سجن الرملة مقصلة الأسرى
عوض الرجوب-الخليل
ظل الأسير الفلسطيني المحرر عاطف الوريدات يطالب خلال فترة اعتقاله التي استمرت 11 عاما بنقله إلى المستشفى لإجراء فحوصات طبية لعينيه دون جدوى، حتى قرر الإضراب المفتوح عن الطعام لينجح في تحقيق مطلبه.
والوريدات (من بلدة الظاهرية جنوب الخليل) الذي أفرج عنه مؤخرا، كان واحدا من قرابة ألف و500 حالة مرضية بين نحو حمسة آلاف أسير فلسطيني يقبعون في السجون الإسرائيلية. وشرح للجزيرة نت من خلال التجربة حقيقة سجن الرملة للأسرى المرضى وما يعانون خلاله من إهمال طبي متعمد.
ويرفض الفلسطينيون تسمية القسم المخصص للأسرى المرضى من سجن الرملة بـ"المستشفى"، ويصرون على تسميته بمقبرة الأحياء لكونه غرفة اعتقال ولسوء الخدمات فيه، مؤكدين افتقاده للحد الأدنى من متطلبات الرعاية الصحية.
وبات من المتعارف عليه -حسب منشورات نادي الأسير الفلسطيني- أن الانتقال إلى عيادة سجن الرملة يعد "المرحلة التي تسبق الشهادة"، وأن حالات كثيرة بين الأسرى انتهت حياتها في ذلك المستشفى أو عاشت فيه أيامها الأخيرة.
مُسكّن وإبرة مجهولة
وحسب إفادة الوريدات، فإن عيادة سجن الرملة عبارة عن غرف اعتقالية بلا خدمات طبية سوى ممرضين يقدمون لهم الأدوية دون إشراف طبي مباشر معظم الوقت، موضحا أن غالبية الأسرى يرفضون الانتقال إلى هذا السجن للعلاج لأن معاناة السفر والتنقل لساعات طولية تفاقم المرض.
وأكد في حديثه للجزيرة نت أنه ظل طوال فترة اعتقاله يعاني من أمراض الضغط والقلب والسكري، ويُصرف له الدواء إما بزيادة أو نقصان عن المقدار المطلوب، مضيفا أنه اكتشف في إحدى المرات أن الدواء الذي صرف له مخالف للوصفة الطبية.
واستذكر الأسير المحرر عددا من الشهداء الذين عايشهم طوال فترة إقامته وتنقله إلى سجن الرملة بينهم الأسير ميسرة أبو حمدية ومراد أبو ساكوت وأشرف أبو ذريع وغيرهم، موضحا أن عددا من الأسرى تقدم بهم المرض لدرجة عدم مقدرتهم على خدمة أنفسهم داخل السجن.
من جهتها تذكر عائلة الشهيد الفلسطيني أشرف أبو ذريع جيدا حالات الإهانة والإذلال التي كانت تتعرض لها على أبواب سجن الرملة كلما أرادت زيارة ابنها المُقعد الذي مكث سنوات في سجن الرملة، واستشهد بعد أيام من الإفراج عنه قبل نحو عام.
ويقول أبو فهد والد الشهيد أبو ذريع إن ابنه لم يكن يحصل خلال مكوثه في الرملة على علاج سوى مسكن الآلام، مضيفا أن سجانين بلباس أبيض يشرفون عليهم دون وجود أطباء، كما روى له ابنه قبل استشهاده.
من جانبها اتهمت الوالدة أم فهد سلطات الاحتلال وعيادة سجن الرملة بتصفية ابنها من خلال حقنه بإبرة غير معلومة، ووضع طعم في فمه بعد تقييده.
وتضيف أن ابنها كان مقعدا حين اعتقاله، لكنه لم يكن يعاني من أية أمراض في الرئة أو الدماغ كما كشفت التقارير الطبية بعد الإفراج عنه، مناشدة القيادة الفلسطينية ومنظمات حقوق الإنسان بالتدخل للإفراج عن أسرى قالت إنهم يموتون داخل السجون.
حالات موثقة
من جهته قال مدير نادي الأسير في الخليل أمجد النجار، إن حالات كثيرة وصلت إلى الرملة وهي تعاني من وضع صحي بسيط جدا، وكانت بحاجة إلى فحوصات فقط، انتهى بها الأمر إلى أمراض خطيرة أدت إلى الشهادة.
وأضاف -في حديث للجزيرة نت- أن هناك عشرات الحالات الموثقة لشهداء سقطوا داخل عيادة الرملة بسبب الأخطاء الطبية والأدوية غير المعروفة التي تم إعطاؤها لهم.
وشدد على أن المطلب الفلسطيني الوحيد هو نقل الأسرى الفلسطينيين المرضى الذين يعتبرون الرملة المحطة الأخيرة قبل الشهادة، إلى مستشفيات مدنية حسب القانون الإسرائيلي في معاملة السجناء اليهود.
وحسب معطيات نادي الأسير الفلسطيني، فإن عدد الحالات التي تقيم في عيادة الرملة غير مستقر وقد يزيد أو ينقص عن عشرة، من أصل 150 حالة مزمنة من بين 1500 حالة مرضية للأسرى المرضى داخل السجون.