عين حجلة.. قرية مقاومة بقلب الأغوار
عاطف دغلس-عين حجلة-الأغوار الفلسطينية
لم تطأ قدما الشاب أمير فارس أرض قرية عين حجلة جنوب مدينة أريحا -وسط الضفة الغربية– طوال حياته رغم أنه من سكان المدينة، فهو محروم بموجب المنع الإسرائيلي للسكان الفلسطينيين هناك منذ عام 1967 من دخول القرية بعد تهجيرهم.
لكن حلم أمير تحقق أخيرا، حيث يواصل هو وعشرات الفلسطينيين العيش في القرية لليوم الثالث على التوالي بعد أن أعادت لجان المقاومة الشعبية بالضفة الغربية بناءها الجمعة الماضية، رفضا لأي خطة إسرائيلية أو أميركية عبر المفاوضات بتهويد منطقة الأغوار ونزعها من الفلسطينيين.
وعلى غرار قريتي باب الشمس وأحفاد يونس وغيرهما أقام الفلسطينيون بقرية عين حجلة في الأغوار الفلسطينية الوسطى، حيث استقبلوا فيها عشرات المتطوعين والمتضامنين الفلسطينيين والأجانب.
يقول أمير (20 عاما) إن قدومهم إلى القرية ومكوثهم فيها طوال ثلاثة أيام متواصلة هو أكبر تحدٍ للاحتلال وكسر لحاجز الخوف.
ويدافع أمير وصحبه عن القرية على مرأى من جنود الاحتلال الذين يرقبون المكان بعين الحذر، محاولين منع أي من الوفود المتضامنة من الوصول للقرية عبر نشر العديد من الحواجز العسكرية.
تضامن واسع
غير أن هذا التضامن مع عين حجلة لم يقتصر على الوفود الرسمية والشعبية، إذ كانت المشاركة الفردية سيدة الموقف.
يقول الشاب رشيد الخطيب القادم من قرية بلعين قضاء رام الله إنهم تعودوا على قمع الاحتلال في قريتهم. ويضيف بنبرة ملؤها التحدي "نحن متواجدون بأي مكان فيه مقاومة للاحتلال".
ويفرض الاحتلال طوقا عسكريا على عين حجلة لليوم الثالث، ويقوم بين الحين والآخر باقتحامها وإطلاق القنابل الصوتية والمضيئة، كما اقتحمها ظهر اليوم عدد من المستوطنين.
واضطر عشرات الصحفيين بينهم مراسل الجزيرة نت -التي غطت النشاط ميدانيا- للمشي عدة كيلومترات للوصول إلى القرية عبر الطرق الترابية والالتفافية بعد منعهم من جنود الاحتلال.
وعلى الصعيد السياسي، بعث المنظمون رسائل واضحة للأميركيين، مفادها أن أي خطة يطرحونها للوصول إلى اتفاق سلام فلسطيني-إسرائيلي على حساب الأغوار والقدس كعاصمة للفلسطينيين لن تتم، على حد قول منذر عميرة من لجان المقاومة الشعبية.
العودة حق
وبالتزامن مع عين حجلة، أقام نشطاء فلسطينيون آخرون قرية أطلقوا عليها اسم "العودة" في الأغوار الشمالية، في خطوة ترمز إلى رفض أي تحرك لضم الأغوار أو نزع السيادة الفلسطينية عنها بتأجيرها إلى إسرائيل، كما يؤكد خالد منصور من القائمين على القرية.
ويضيف منصور -الذي دعا الفلسطينيين لإقامة مئات القرى المشابهة على الحدود أو بالمناطق المهددة بالمصادرة والتهويد- أن تسمية القرية جاءت تأكيدا على حق العودة للشعب الفلسطيني باعتباره حقا مقدسا لا يمكن التنازل عنه.
وكانت إسرائيل قد وضعت يدها -عقب احتلال الضفة عام 1967- على أكثر من 85% من مساحة الأغوار، وحددتها بسكانها المتواجدين فقط، مما أدى لتراجع نسبة النمو الفلسطيني بها من 250 ألف نسمة في ذلك الحين إلى سبعين ألفا حاليا.
كما تصادر إسرائيل 11% من المساحات الزراعية الخصبة لصالح 34 مستوطنة في الأغوار، يقطنها ستة آلاف مستوطن فقط يستهلكون 45 مليون متر مكعب سنويا من مياه الحوض الشرقي الذي تسيطر عليه بالكامل، بينما يستهلك جل سكان الضفة الغربية (قرابة مليوني نسمة) مائة مليون متر مكعب في العام.
كل هذا بحسب محافظ أريحا والأغوار ماجد فتياني، والذي يؤكد أن إسرائيل تسعى للاستمرار بسرقة الموارد الطبيعية الفلسطينية، مشددا على رفضهم لأي حلول تسعى للقبول بتأجير الأغوار أو التنازل عنها سياديا أو غير ذلك، "فهذه حدودنا الشرقية وسلة غذائنا".
وأكد فتياني للجزيرة نت أن كل ما يمكن القبول به لن يتجاوز الترتيبات الأمنية لدحض الادعاءات الإسرائيلية، والتي ستكون عبر وجود طرف ثالث لمراقبة الحدود، أو حتى مراقبتها إلكترونيا.