مقاطعة إسلاميي الجزائر للانتخابات.. هل تفشلها؟

أحزاب اسلامية أخرى تلتحق بحركة مجتمع السلم وتقاطع انتخابات الرئاسة-تقرير حول مقاطعة التيار الاسلامي للانتخابات
undefined
 

ياسين بودهان-الجزائر
 
أعلنت مجموعة من الأحزاب الإسلامية في الجزائر مقاطعتها للانتخابات الرئاسية التي ستجرى يوم 17 أبريل/نيسان القادم، وهو ما يعد -برأي متتبعين- سابقة في تاريخ الاستحقاقات الانتخابية بهذا البلد، كما أثار نقاشا حول تأثير هذه المقاطعة على مصداقية الانتخابات بالنظر إلى حجم الوعاء الانتخابي الهام الذي يمتلكه هذا التيار.

وكانت حركة مجتمع السلم أول حزب إسلامي يعلن مقاطعته بحجة كون "اللعبة الانتخابية مغلقة". والقرار نفسه اتخذته الأسبوع الماضي حركة النهضة، وقبل ذلك تراجع عبد الفتاح حمداش رئيس جبهة الصحوة السلفية (حزب قيد الترخيص) عن قراره الترشح لهذه الانتخابات. وآخر حزب إسلامي التحق بركب الأحزاب المقاطعة التي بلغت تسعة، هي جبهة العدالة والتنمية التي يتزعمها الشيخ عبد الله جاب الله الذي برر في ندوة صحفية قرار المقاطعة بغياب شروط النزاهة.

وبالنظر إلى حجم الوعاء الانتخابي الذي يمتلكه التيار الاسلامي، يتساءل كثيرون حول مدى تأثير غياب هذا التيار لأول مرة منذ أول انتخابات رئاسية تعددية جرت عام 1995، على نسبة المشاركة المتوقعة في الاستحقاق الرئاسي المقبل، وتأثير ذلك على مصداقية الانتخابات، وعلى شرعية الرئيس المقبل للجزائريين.

 
بن خلاف: تركنا هامشا للحوار أمام النظامقبل إعلان المقاطعة (الجزيرة نت)
بن خلاف: تركنا هامشا للحوار أمام النظامقبل إعلان المقاطعة (الجزيرة نت)
هامش للحوار
وفي حديثه للجزيرة نت أكد رئيس المجموعة البرلمانية لجبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف أن موقف حزبه يزاوج بين المقاطعة والحوار، بتركه هامشا أمام النظام للحوار مع المعارضة، لأن الوضع في تقديره بات "خطيرا جدا"، وفي حال عدم استجابة السلطة لمطالب الحزب سيصبح خيار المقاطعة أمرا واقعا.

ويقول بن خلاف إن من الأسباب المباشرة للمقاطعة "رفض السلطة مقترح المعارضة بضرورة إسناد مهمة الإشراف على الانتخابات في كل مراحلها لهيئة مستقلة عن وزارتي الداخلية والعدل"، وهو المقترح الذي تقدم به حزبه لمكتب البرلمان لكنه رفض، لذلك اعتبر أن "الانتخابات دون جدوى، وتكريس للرداءة، وتمكين للفساد، وقد تفتح مستقبل البلاد على مستقبل محفوف بالمخاطر".

وردا على تشكيك البعض بعدم تأثير مقاطعة التيار الإسلامي على الانتخابات، قال بن خلاف إن "هذا الكلام قد يكون صحيحا لو احترمت الانتخابات السابقة الإرادة الشعبية"، لكن إرادة الناخبين برأيه "تزور دائما"، ولا يمكن قياس حجم هذا التيار استنادا إلى انتخابات مزورة.

من جانبه أكد مسؤول الشؤون السياسية في حركة مجتمع السلم فاروق أبو سراج الذهب للجزيرة نت أن مقاطعة الانتخابات "قرار سياسي بامتياز، لعدم توفر الأجواء السياسية والإدارية والقانونية للمشاركة".

وفي تقديره فإن السلطة حجزت مقعدا لمرشحها من خلال عدم الاستجابة للمعارضة التي طالبت بتعديل قانون الانتخابات وإسناد تنظيم الانتخابات للجنة محايدة كما هو موجود في أكثر من 70 دولة بالعالم.

ويعتقد أبو سراج الذهب -وهو كاتب مختص في شؤون الجماعات الإسلامية- أن مقاطعة هذه الأحزاب وغيرها ستؤثر على نسبة المشاركة التي ستكون ضعيفة، رغم منع وزارة الداخلية الترويج لخيار المقاطعة.

‪‬ أبو سراج الذهب: مقاطعة الإسلاميين ستؤثر على نسبة المشاركة بالانتخابات(الجزيرة نت)
‪‬ أبو سراج الذهب: مقاطعة الإسلاميين ستؤثر على نسبة المشاركة بالانتخابات(الجزيرة نت)

وتوقع أن "تضخم النسبة كما جرت العادة تحت حجة كون ضعف المشاركة باتت ظاهرة عالمية"، وهو ما سيؤثر برأيه على شرعية الرئيس الجديد مهما كان اسمه وبرنامجه، ويبرر ذلك بكون الإسلاميين والديمقراطيين لهم كتلة ناخبة مهمة جدا.

وفي تقديره فإن دعوة بعض أحزاب المعارضة إلى حوار وطني يشارك فيه الجميع، إنما جاءت "لأن هذه الأحزاب استشعرت خطورة الوضع السياسي والاقتصادي والأمني، وضرورة تجنيب الجزائر أزمة سياسية جديدة". وذكّر بسيناريو رئاسيات 1999 التي انسحب منها جميع المرشحين، وهو ما أدى بالسلطة إلى تنظيم استفتاء على مشروع الوئام المدني لتحرير الرئيس من قيد وعقدة الشرعية.

نفوذ ضعيف
من جانبه اعتبر الفقيه الدستوري الدكتور عامر رخيلة أن مطالبة الأحزاب الإسلامية وغيرها بتعديل قانون الانتخابات "جاء في الوقت الضائع"، وكان عليها أن "تطالب بذلك خلال مناقشة القانون في البرلمان".

وشكك رخيلة متحدثا للجزيرة نت في "قدرة هذه الأحزاب على التأثير على الناخب الجزائري، أو حتى على أعضائها وإقناعهم بجدوى المقاطعة، وهو ما ينطبق على جميع أحزاب المعارضة ولا يقتصر فقط على أحزاب التيار الإسلامي التي فقدت قدرة التأثير على توجهات الرأي العام الجزائري".

من جانبها قللت الناطقة الرسمية لحزب التجمع الوطني الديمقراطي (من أحزاب السلطة) نوارة جعفر في حديثها للجزيرة نت من أهمية وتأثير مقاطعة الأحزاب الإسلامية للرئاسيات القادمة.

وأوضحت أن "أحزاب المعارضة ومنها الإسلامية "تشكك في كل شيء"، ودعت تلك الأحزاب إلى العمل ميدانيا، وأن تستفيد من آليات الرقابة التي تمتلكها لمراقبة الانتخابات من خلال عمل اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات.

المصدر : الجزيرة