انقلاب حفتر.. حقيقة أم استعراض إعلامي؟


خالد المهير-طرابلس
بعد مرور ساعات على إعلان القائد العسكري الليبي البارز اللواء خليفة حفتر تجميد عمل المؤتمر الوطني العام (البرلمان) والحكومة والإعلان الدستوري الصادر في أغسطس/آب 2011، لم تظهر في شوارع العاصمة طرابلس أو المدن القريبة أو البعيدة منها أي قوات تابعة له.
فقد استمرت الأوضاع هادئة في جميع المدن التي شهدت مظاهرات "جمعة الرحيل" التي تطالب برحيل المؤتمر العام قبل أغسطس/آب المقبل.
عدا ذلك لم تسجل الجزيرة نت مظاهر أمنية أو عسكرية استثنائية، أو حتى نزول قوات غير تابعة لوزارة الداخلية ورئاسة الأركان التي تسيطر بقوة على جميع مرافق الدولة والمؤسسات الحكومية.
ففي ميدان الشهداء الذي شهد مظاهرات "جمعة الرحيل" رصد الصحفي عماد العلام قوات رسمية تؤمّن المتظاهرين، أما نقاط التفتيش فلا تختلف عن الأيام الماضية.
ويؤكد العلام في حديث للجزيرة نت أنه تجول بسيارته من ميدان الشهداء إلى مطار طرابلس الدولي، دون أن يقابل في طريقه قوات حفتر التي تحدث عنها في الفضائيات العربية والدولية والمحلية.

رسالة قوية
وأكد الناطق الرسمي باسم رئاسة أركان الجيش الوطني العقيد علي الشيخي ما قاله الصحفي العلام، وقال إن "قوات حفتر ليس لها أثر على الأرض، عدا من يؤيدونه بقلوبهم".
وأضاف الشيخي في حديث للجزيرة نت أن قواتهم "تسيطر بالكامل على مفاصل الدولة"، مشيرا إلى أن تأمين طرابلس يخضع لقانون "النفير العام" الذي تنفذه رئاسة الأركان منذ فترة، كاشفا أنها كثفت قواتها في بعض نقاط التفتيش المنتشرة في طرابلس، ونافيا قدوم أي قوات مؤيدة لحفتر من خارج طرابلس.
وردا على تصريحات حفتر التي قال فيها إن القوات البرية والبحرية والجوية معه، قال الشيخي إن "اصطفاف" رؤساء أركان هذه القوات خلف رئيس الأركان عبد السلام جاد الله العبيدي "رسالة قوية" بأن هذه القوات مع الشرعية والدولة.
وسألت الجزيرة نت الشيخي عن أسباب تصنيف بيان اللواء حفتر بأنه "انقلاب"، فقال إنه تحدث في بيانه عن قيادة عامة عسكرية، وهذا لا يوجد في ليبيا، وعرّف نفسه بأنه آمر للقوات البرية وهو غير ذلك.
وأضاف الناطق الرسمي باسم رئاسة الأركان أن "أي مبادرة سياسية لا يمكن أن تطلب تجميد الإعلان الدستوري".
ويؤيد التصريحات السابقة حديث الناطق الرسمي باسم الغرفة الأمنية المشتركة عصام النعاس للجزيرة نت أن طرابلس وضواحيها "تحت سيطرة قوات الدولة"، وأن بيان حفتر "لا يرقى إلى درجة رفع الطوارئ"، واصفا إياه بأنه "انقلاب ليس له وجود على أرض الواقع".

انقلاب تلفزيوني
من جهته وصف رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام صالح اجعودة في تصريح للجزيرة نت بيان حفتر بأنه يشبه إلى حد كبير السيناريو المصري، في إشارة إلى حديث اللواء حفتر عن تسليم السلطة إلى القضاء الليبي، مؤكدا أن ليبيا لا توجد بها مؤسسة عسكرية لقيادة "انقلاب" بهذا الشكل.
كما وصف عبد الباسط هارون -وهو أحد مؤسسي المخابرات الليبية- حديث حفتر بأنه محاولة للقفز على مظاهرات "جمعة الرحيل" في مدن طرابلس وبنغازي والمرج والبيضاء وطبرق، قائلا إنها قفزة في المجهول، وإنه "انقلاب تلفزيوني ليس أكثر".
ويشير هارون في حديثه للجزيرة نت إلى صعوبة استيلاء أي جهة عسكرية على الحكم في ليبيا لانتشار السلاح بين مدن مصراتة والزنتان وبرقة، قائلا إنه من غير المنطقي السيطرة على جيوش هذه المدن التي "لا تملك حتى رئاسة الأركان القوة لردعها".
ورغم محاولاتها الكثيرة اعتذر مكتب اللواء حفتر عن التصريح للجزيرة نت في الوقت الحالي، لكنه قال في تصريحات لوسائل إعلام محلية الجمعة إنه "مع الشعب"، وإنه لا يعترف بالدولة لأنها "غير موجودة"، ولا بالسلطة التنفيذية الحاكمة الآن، متحديا الجهات الضبطية في اتخاذ خطوات لإلقاء القبض عليه.
يشار إلى أن حفتر قائد عسكري بارز في الجيش الليبي منذ الحرب الليبية التشادية إبان ثمانينيات القرن الماضي، وانشق مبكرا عن نظام معمر القذافي منذ ذلك الحين وعاد إلى ليبيا بعد عشرين عاما قضاها في المنفى بالولايات المتحدة، وشارك إلى جانب الثوار في الإطاحة بالقذافي عام 2011، وهو من مؤسسي الجناح العسكري للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا أواخر العام 1987.