إسرائيل تضع فلسطينييها على مفترق طرق

وديع عواودة-حيفا
وترى لجنة المتابعة العليا -الهيئة التمثيلية الأعلى لفلسطينيي الداخل- أن مشروع قانون تعريف إسرائيل كدولة اليهود فقط، هو حلقة في مسلسل تشريعات عنصرية تجاوزت الخمسين منذ انتخاب الكنيست الثامن عشر عام 2009، وتعتبرها خطوات إضافية نحو الفاشية وباتجاه مأسسة نظام الفصل العنصري.
ويؤكد رئيس المتابعة العليا مازن غنايم للجزيرة نت أن السياسة الإسرائيلية الرسمية تشكّل البيئة الحاضنة للفاشية الشعبية داخل الشارع الإسرائيلي، وللتحريض المنهجي على الحركة الإسلامية وقياداتها، ويوضح أن ذلك يتجلى بوجوه كثيرة حتى في ملاعِب كرة القدم.

وحدة وطنية
ويعتقد رئيس القائمة العربية الموحدة النائب إبراهيم صرصور أن العلاقات بين فلسطينيي الداخل وإسرائيل التي تعرف نفسها باليهودية الديمقراطية، على مفترق طرق تاريخي اليوم.
موضحا أن العنصرية فيها نتيجة فكر صهيوني متأصل، لكن تفاقمها اليوم يعكس هواجس ديمغرافية وفقدان ثقة بالنفس، "حوّلها لدولة ديمقراطية لليهود ويهودية للعرب".
وردا على سؤال الجزيرة نت، يشدد صرصور ابن مدينة كفر قاسم على حيوية الوحدة الوطنية الحقيقية لمواجهة العنصرية المنهجية المؤسساتية واتقاء إسقاطاتها، وحماية بقائهم وتطوّرهم الطبيعي، الفردي والجماعي داخل وطنهم.
وتتوقف مديرة مركز "إنجاز"، غيداء ريناوي زعبي، عند عوامل تفاقم العنصرية في إسرائيل على المستويين الرسمي والشعبي. فتؤكد أن إسرائيل تغيرت في العقود الثلاثة الأخيرة وبالذات منذ صعود حزب "الليكود" للحكم، وذلك في مجالات كثيرة منها مناهج التعليم، وفقدان الغربيين هيمنتهم، واتساع ظاهرة التديّن.
كما تتنبه غيداء زعبي لتغير فلسطينيي الداخل كما وكيفا نسبيا، "مما صعد الصراع على الموارد وموازين القوى بينهم وبين الأكثرية الإسرائيلية، خاصة في الحيز العام كالجامعات والمدن المختلطة".
وتشير في حديثها للجزيرة نت إلى تصاعد المواجهة القومية بين الطرفين نتيجة انسداد الأفق السياسي وانتهاء "الهدنة" بينهما واختفاء "السراب"، مما زاد من الاحتقان والخوف من المجهول. وتضيف "وكلما حافظ المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل على هويتهم الفلسطينية، زادت الشكوك والاتهامات من حولهم".
وردا على سؤال، تقترح غيداء زعبي -التي تمتاز بشبكة علاقات مع جهات دولية- أن ينظم المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل (17%) نفسه ويعزز مؤسساته، لإجبار الجانب الإسرائيلي على التعامل معه بندية.
لكنها تدعو أيضا للتحرر من التردد والخوف والتوجه للمحافل الدولية بخطاب مدني وبلغتها القانونية، لأن صوت المواطنين الفلسطينيين ما زال خافتا هناك.

الصدام قادم
وهذا ما يراه مدير عام مركز "مساواة" جعفر فرح الذي يدعو القيادات السياسية والأهلية للاهتمام بالمجتمع الدولي، "لأن النقاش لن يدور حول قانون ما، بل على المجتمع الفلسطيني في إسرائيل ومكانته".
ويخشى فرح في حديثه للجزيرة نت من تفجر الأوضاع المتوترة نتيجة الصراع القومي وتراكم التمييز بالحقوق المدنية، ومن بطش إسرائيل بالمواطنين العرب، على غرار هبة القدس والأقصى عام 2000، مستغلة المذابح الجارية في الجوار العربي.
ويتوقع فرح ازدياد أضرار العنصرية المهيمنة بكل مناحي الحياة والحقوق المدنية، الفردية والجماعية، أيضا كالأرض والسكن والأوقاف والعمل والتعليم والحكم المحلي واللغة العربية، مرجحا اتساع الهوة بين نوعين من المواطنين.
كما يحمّل فرح المؤسسة الحاكمة مسؤولية انفلات الاعتداءات الجسدية على المواطنين العرب الذين باتوا منذ الصيف الماضي يخشون التحدث بلغتهم العربية داخل القطار أو المجمعات التجارية وفي كافة المرافق العامة، خشية التعرض للضرب والاعتداء من قبل يهود.
ويوضح أن القوانين العنصرية تعني تقنين التمييز ضد العرب وتقييد السلطة القضائية، التي يلجأ لها مواطنون عرب طلبا للنجاة من الظلم. لافتا لحيوية احتجاجات فلسطينيي الداخل ميدانيا وتدويل قضيتهم ومخاطبة العالم بلغته.