السلطة الفلسطينية تتسلم متهما بالفساد وتلاحق آخرين
ميرفت صادق-رام الله
سلم الأردن السلطة الفلسطينية مسؤولا فلسطينيا فر بعد اختلاسه ملايين الدولارات أثناء شغله منصب المدير المالي لهيئة البترول قبل ثلاث سنوات، في حين لا يزال ستة مسؤولين ملاحقين خارج البلاد.
وقال رئيس هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية رفيق النتشة في مؤتمر صحفي بـرام الله إن الأردن سلم السلطة الفلسطينية اليوم الثلاثاء المتهم شادي حمزة الذي كان يشغل منصب المدير المالي لهيئة البترول الفلسطينية بين عامي 2009 و2012 وجرى تحويله للتحقيق في قضية اختلاس 45 مليون شيكل (أكثر من 11 مليون دولار) عن طريق الرشوة والتزوير.
وتتهم الهيئة حمزة باختلاس الملايين عن طريق التلاعب بكشوف رسمية وبالرشوة من خلال علاقات مشبوهة مع بعض محطات البترول التي خضع أصحابها للتحقيق وأحيلوا إلى القضاء.
وكانت محكمة أردنية قد قضت بتسليم حمزة الذي فر من الضفة الغربية إلى الأردن وأقام هناك استثمارات بملايين الدولارات، وجرى تنفيذ العملية بموافقة الملك عبد الله الثاني بناء على مطالبة من الجهات المسؤولة في السلطة الفلسطينية.
سابقة مهمة
وقال النتشة للجزيرة نت إن عملية التسليم تمت بدون تدخل البوليس الدولي (إنتربول)، مما يعد سابقة في غاية الأهمية لكون فلسطين ليست كاملة العضوية في الأمم المتحدة ولا تنطبق عليها اتفاقيات تسليم المجرمين عبر "إنتربول".
ولم يوضح رئيس الهيئة كيفية نقل المبالغ المختلسة عبر الحدود إلى الأردن، لكنه قال إن العملية برمتها وكافة المتورطين فيها ستتضح بعد انتهاء التحقيق.
وكشف النتشة عن اعتقال أربعة متهمين آخرين في قضية الاختلاس من أموال هيئة البترول، مبينا أن بعضهم حولوا للمحاكمة.
وقال النتشة إن الهيئة تلاحق ستة مسؤولين فلسطينيين شغلوا مناصب رفيعة في السلطة وما زالوا هاربين خارج البلاد. وأوضح أن بعضهم متهمون باختلاس عشرات ملايين الدولارات من الأموال العامة.
الهيئة تتوعد
وتوعد النتشة بملاحقة المتهمين بالفساد وسرقة أموال الشعب الفلسطيني سواء هربوا إلى بلد عربي أو أجنبي، وطالبهم بالعودة إلى الوطن وتسليم أنفسهم.
وكانت هيئة مكافحة الفساد قد أحالت ملف القيادي في حركة فتح محمد دحلان المقيم في دولة الإمارات إلى محكمة قضايا الفساد للنظر في اتهامه "بالفساد والكسب غير المشروع"، حسب إعلان استدعائه المنشور في الصحف المحلية.
وقال النتشة إن تحويل ملف دحلان إلى المحكمة جاء بعد رفع الحصانة عنه بقرار رئاسي، وكذلك بعد مطالبته بالحضور للاستجواب في رام الله، حيث أبلغ دحلان الهيئة عدم استطاعته ذلك، كما أنه لم يستجب لطلب لقائه للتحقيق في الأردن أو مصر.
وتنظر هيئة مكافحة الفساد أيضا في ملف جديد حولته وزارة الصحة الفلسطينية أمس الاثنين يتعلق بتورط عشرات الأشخاص في شراء سيارات باسم ذوي الإعاقة مستفيدين من قانون الإعفاء الجمركي.
كما أشار النتشة إلى ملف فساد يضم التلاعب بمخصصات 1800 يتيم ملحقين بوزارة الشؤون الاجتماعية إلى جانب شبهات فساد في تسجيل عشرات "بل مئات المنظمات والجمعيات" غير الحكومية والتي يعتقد أنها غير قانونية.
القطاع العام
وقال المحلل المالي والخبير في معهد "ماس" للسياسات الاقتصادية سمير عبد الله إنه لا توجد حتى الآن معطيات دقيقة عن حجم الأموال المختلسة والمتهم بها مسؤولون فلسطينيون شغلوا مناصب في قطاعات عامة قبل أن يهربوا خارج البلاد.
غير أنه أوضح للجزيرة نت أن عددا كبيرا من قضايا الفساد المالي مرتبطة بمؤسسات حكومية مثل بعض دوائر وزارة المالية الفلسطينية وهيئة البترول ووزارة المواصلات والدوائر العاملة في مجال تدفق الأموال.
وقال عبد الله إن القطاع الخاص يعاني من فساد بدرجة أقل من القطاعات العامة نظرا لحجم الأموال والموازنات الأكبر في الثانية، إضافة إلى حالة ضعف في منظومة الشفافية عانت منها تلك المؤسسات قبل الشروع في ملاحقة الفاسدين.
ورغم الاهتمام المتزايد بملاحقة الفساد في المؤسسات الفلسطينية منذ تأسيس هيئة مكافحة الفساد عام 2010 فإن قضايا محدودة جرى البت فيها حسب المحلل عبد الله.
وقال عبد الله إن فعالية القوانين والنظام القضائي تؤثر في مدى نجاعة ملاحقة الفاسدين وردع هذه الظاهرة في مجتمع ما زال يعاني من الاحتلال، ومن غير المقبول انتشار ظاهرة الفساد في مؤسساته.
وأشار أيضا إلى غياب سيادة السلطة الفلسطينية على المعابر من وإلى الضفة الغربية خاصة والذي من شأنه السماح بهروب متهمين إلى الخارج.