مسلمو النمسا.. والخوف من المستقبل

شادي الأيوبي-فيينا
ويشتمل القانون الجديد على حظر التمويل الخارجي للجمعيات الإسلامية وفرض قيود على مضامين التوجيه الديني الإسلامي، فيما يتخوف المسلمون أيضا -ومعهم خبراء قانونيون- من احتواء القانون على عدم مساواة المسلمين بغيرهم من الطوائف.
ويأتي القانون ضمن موجة من التصعيد السياسي والإعلامي الذي يطال مسلمي النمسا بشكل سلبي، خاصة من جانب أقصى اليمين السياسي ممثلا بحزب الحرية، وعدد من السياسيين الآخرين. ويزيد عدد مسلمي النمسا على ستمائة ألف شخص يحمل معظمهم الجنسية النمساوية.
واعتقلت السلطات النمساوية 16 شخصا ممن تقول إنهم يجندون مقاتلين إسلاميين للتوجه إلى سوريا، وذلك ضمن حملة مداهمات في عدة مدن وصفت بالأوسع في تاريخ البلاد.
وقال مدعون في بيان إنهم استجوبوا 16 شخصا ضمن التحقيق في أمر من يشتبه في أنهم ينتمون لمنظمة إرهابية، في إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية.

ردات فعل
ويعتبر فؤاد سنج -وهو رئيس الهيئة الإسلامية التي تمثل المسلمين في البلد- أن النموذج النمساوي للتعامل مع الإسلام والمسلمين يجب أن يبقى.
ويضيف أنه مع الحديث عن خطوات تحديث قانون الإسلام المتأثر بالأحداث الخارجية، فثمة توجه لما يمكن أن يضيق حياة المسلمين في النمسا، لكن تبين لاحقا "أنه ليس من المنطق والحكمة تطبيق هكذا قوانين".
وقال للجزيرة نت إن الأوروبيين لديهم مخاوف بشأن التطرف القائم حاليا. وتابع أن نشر مقاطع الفيديو لفظائع القتل يقود لردات فعل كالتعدي على المسلمات في الطرق، مؤكدا في المقابل أن مشكلات مسلمي النمسا لا تزال أقل من معاناة المسلمين بدول إسلامية.
وأشار سنج إلى أن الهيئة تعمل على تغيير فقرات في القانون الجديد تتعارض مع مبدأ المساواة، وقد تم فعلا تعديلها جزئيا، لكن لا يزال هناك المزيد للقيام به، ولا تزال لدى الهيئة تحفظات بشأن فقرات أخرى.
وخلص إلى التأكيد على أن هناك حاليا أزمة على مستوى العالم الإسلامي يلمس المسلمون النمساويون تداعياتها على واقعهم في البلاد.

شكوك وتدخلات
في المقابل، أشار محمد ترهان -رئيس الاتحاد الإسلامي في فيينا وهو أنشط جمعية إسلامية في البلد- إلى شكوك بأن أيادي خارجية تحاول انتزاع حقوق المسلمين الذين لا يرغبون بحال أن يكونوا مواطنين من الدرجة الثالثة، مضيفا أن الأحزاب النمساوية طرحت على نفسها تساؤلا إن كان الضغط داخليا أم خارجيا؟
وقال للجزيرة نت إن مسلمي النمسا لا يرضون بمحاسبتهم على ما يجري في مناطق أخرى من العالم، وإنهم أثبتوا أنهم إضافة لبلادهم، ووعد بأن الجيل القادم من المسلمين سيكون نوعيا من حيث التزامه بدينه وخدمته لبلاده على حد سواء.
ورفض ترهان التعامل مع المسلمين أمنيا، وقال إن أي خطأ في أي جمعية إسلامية لا يعطي الحق للحكومة بإقفالها، لأنها بذلك تخرق القانون، كما رفض تدخل الدولة في شؤون المسلمين مثل فرض ترجمة واحدة للقرآن الكريم وتعيين مدرسين غير متخصصين لتدريس المواد الإسلامية في جامعة فيينا، دون التشاور مع الجالية الإسلامية.
تحرك المسلمين
وختم بأن المحكمة الدستورية سترفض القانون المقترح، كما أن المسلمين سيتحركون ضمن إطار القوانين للدفاع عن حقوقهم. وأشار إلى أن هناك حملة قامت لرفض القانون وصلت اليوم إلى مائة ألف توقيع.
وقال إن جواب المسلمين على الإساءة الدانماركية للرسول عليه الصلاة والسلام كان بنشر ترجمات لأحاديثه تحض على الخير والاستقامة على لوحات الإعلانات في أكثر من ستمائة نقطة في البلاد، وهو ما كان له نتائج إيجابية وقبول من المجتمع النمساوي والسلطات النمساوية.
وكانت النمسا -على مدار أكثر من مائة عام- السباقة أوروبيا في التعامل القانوني المنفتح على الدين الإسلامي والمسلمين، وتم النص على ذلك خاصة مع صدور قانون الإسلام عام 1912 الذي يتم العمل على تغييره بشكل جذري مثير للجدل.