هل تحاصر الأمم المتحدة غزة بدلا من إسرائيل؟

أيمن الجرجاوي-غزة
وطورت الأمم المتحدة من خلال مبعوثها لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري آلية للإعمار تسمح للجنة ثلاثية من الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية وإسرائيل بالرقابة على مواد البناء.
ويشمل ذلك تركيب كاميرات لمراقبة المخازن، لمنع وصول المواد إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وحسب وزير الأشغال العامة والإسكان الفلسطيني مفيد الحساينة، فإن اللجنة المكلفة بحصر الأضرار سترسل كشوفا بأسماء المتضررين وحجم الدمار لوزارة الشؤون المدينة الفلسطينية، فتقوم الأخيرة بتسليمها لإسرائيل لاعتمادها خلال 4 أيام.
وبعد اعتماد أسماء المتضررين وكميات الإسمنت، ترسل الكشوف إلى وزارة الشؤون المدنية التي ستعيدها لوزارة الأشغال الفلسطينية، ليمنح الفلسطينيون المتضررين بطاقات لاستلام الإسمنت، حسب الحاجة.
وحسب تصريح للوزير الفلسطيني وصل الجزيرة نت فإن كميات الإسمنت ستوزع على نحو 900 من أصحاب المنازل المتضررة جزئيا، وسيكون نصيب كل متضرر من 2 إلى 5 أطنان، بعد أن دخل القطاع 450 طنا من الإسمنت فقط.
وبلغ عدد المنازل المدمرة كليا والمتضررة جزئيا حسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) نحو 90 ألف منزل، أي أن آلية التوزيع على المتضررين ستستغرق وقتا طويلا.

حصار أممي
وعبرت الفصائل الفلسطينية في غزة عن رفضها للخطة، ورأت فيها معوقا وإطالة لأمد إعادة الإعمار، مؤكدة ضرورة رفع الحصار وفتح معابر قطاع غزة دون قيد أو شرط ورفض أي اتفاقيات أو ضوابط جديدة على القطاع.
ويقول الخبير الاقتصادي الفلسطيني رئيس مركز "بال ثينك" للدراسات الإستراتيجية عمر شعبان إن "مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط يستبدل دور السلطة الفلسطينية، ويناقض ما تقوله المؤسسات الدولية بسعيها لبناء مؤسسات السلطة".
ويرى شعبان في حديث للجزيرة نت أن "الأمم المتحدة باتت تحاصر غزة بدلا من الاحتلال الإسرائيلي، فالحصار أصبح أمميا وتحت عنوان الآلية الدولية لإعادة الإعمار".
وتكمن خطورة حصار الأمم المتحدة في رفع المسؤولية عن الاحتلال وفق شعبان، وبالتالي فقدان الفلسطينيين القدرة على مقاومته لأنه مفروض من الأمم المتحدة، "فالأمم المتحدة تضرب بذلك الحد الأدنى من مفاهيم الشراكة، فنحن نؤمن بدور المؤسسات الدولية ولكن بالشركة والتنسيق مع السلطة الفلسطينية وليس بديلا عنها".
وبالإضافة إلى بطء العمليات في دورة الإسمنت التي ستأخذ وقتا طويلا حتى تصل إلى المواطن، يلفت شعبان إلى الرواتب الباهظة التي سيتقاضاها عشرات الموظفين الأجانب الذين سيشرفون على الإعمار بذريعة وجودهم في منطقة نزاعات.
ويؤكد أن الخطة سوف تضر بالحركة الاقتصادية الفلسطينية، فهي تتحدث عن الاستيراد دون التصدير، عدا أن جزءا كبيرا من أموال المانحين ستذهب إلى المؤسسات الدولية وإسرائيل، وليس للاقتصاد الفلسطيني.

انتهاك الحقوق
ويدعو شعبان الشعب الفلسطيني بمؤسساته الرسمية والشعبية والفصائلية إلى رفض الخطة والمطالبة بتعديلها بما يخدم المصلحة الفلسطينية والتنمية.
ويرى ناشطون حقوقيون أن الخطة الأممية لإعمار القطاع تنتهك القانون الدولي الإنساني، وتنتهك حق الشعب الفلسطيني بالحياة الطبيعية، فهي تبقي القطاع تحت رحمة القرار الإسرائيلي، حسب مدير المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده.
ويضيف عبده "توفر الخطة بشكل غير مباشر غطاء لكل جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني طوال سنوات حصاره لغزة، فالآلية تضرب بالصميم ميثاق الأمم المتحدة للعام 1945، وقرار الجمعية العام رقم 3103 للعام 1973 والذي ثبّت المبادئ الأساسية للوضع القانوني لمقاومة المستعمر.
ويشير مدير المرصد الحقوقي في حديثه للجزيرة نت إلى أن الخطة تنتهك أيضا اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الملحقة بها، واتفاقية لاهاي الرابعة للعام 1907 التي سمحت للسلطة المحتلة بفرض إجراءات معينة تقيد حركة التنقل لاعتبارات أمنية، لكنها تكون ملزمة بإيجاد توازن بين احتياجاتها الأمنية وضمان سير حياة السكان بشكل طبيعي.
ويتابع قائلا، "مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام يعلم قبل غيره أن الآلية المقترحة تهدف إلى تحقيق نفع سياسي على حساب معاناة الأبرياء وعدم تمكينهم من الحياة بشكل طبيعي".
ويبدي عبده استغرابه الشديد من الخطوات الدولية بهذا الصدد، ويرى فيها عجزا فاضحا واستكانة غير مبررة للإرادة الإسرائيلية.