مجلس النواب المنحل بليبيا يرفض إبطال شرعيته

رفض مجلس النواب الليبي المنعقد بمدينة طبرق شرقي البلاد حكما من المحكمة العليا أبطل الشرعية لصالح المؤتمر الوطني العام في طرابلس. وأثار الحكم ابتهاجا واسعا لدى مؤيدي الثورة, في حين دعا تكتل فدرالي إلى إعلان "دولة برقة" شرقي ليبيا.
وأضاف البيان أن المجلس والحكومة المنبثقة عنه برئاسة عبد الله الثني سيستمران في عملهما. وكان المؤتمر الوطني قد شكل في سبتمبر/أيلول الماضي حكومة إنقاذ وطني برئاسة عمر الحاسي, وهي مدعومة من الثوار.
من جانبه رفض أبو بكر ابْعيرة عضو مجلس النواب الليبي المنحل وأحد النواب الذين شاركوا في جلسات المجلس في طبرق، الاعتراف بقرار المحكمة الدستورية العليا. وقال خلال مشاركته في حلقة الخميس من برنامج "حديث الثورة" إنه لن يقبل بالقرار حتى لو أدى الأمر إلى تقسيم البلاد، على حد تعبيره.
لكن مجموعة من النواب المقاطعين لجلسات طبرق أعلنوا امتثالهم لقرار الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا بعدم دستورية تعديلات لجنة فبراير وما ترتب عليها. ودعت سيدة اليعقوبي عضوة البرلمان المقاطع لجلسات طبرق مختلف الأطراف إلى قبول هذا القرار.
جاءت هذه التطورات بعد ساعات من حكم المحكمة العليا -غير القابل للنقض- بقبول طعون تقدم بها نواب ومحامون في صحة انعقاد مجلس النواب -الذي تم انتخابه في يونيو/حزيران الماضي- وفي كل ما اتخذه من إجراءات وقرارات, بما فيها تشكيل حكومة الثني في سبتمبر/أيلول الماضي.
وبالتزامن تقريبا مع بيان مجلس النواب, أعلن التكتل الاتحادي الوطني -وهو تجمع فدرالي- عن قيام ما سماها "دولة برقة", وطالب نواب المناطق الشرقية في مجلس النواب بالانضمام إليه.
واعتبر في بيان أن قرار المحكمة العليا جاء تحت تهديد السلاح، وأنه "هدم آخر أواصر العلاقات السياسية والإدارية بين أقاليم ليبيا", في إشارة إلى التقسيم الإداري الفدرالي الذي كان قائما في ليبيا حتى مطلع ستينيات القرن الماضي.
من جهتها قالت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا برئاسة الدبلوماسي الإسباني برناردينو ليون إنها "أخذت علما" بقرار المحكمة العليا الليبية, وهي بصدد دراسته. وأضافت أنها بصدد إجراء مشاورات مع مختلف الأطراف الليبية ومع شركائها من المجتمع الدولي بشأن هذا التطور.
وفي طرابلس, قال رئيس المؤتمر الوطني العام نوري أبو سهمين إن الحكم الصادر بإبطال انتخابات يونيو/حزيران الماضي وما انبثق عنها من مؤسسات وقرارات، يجب أن يُستخدم لفتح حوار وطني. وأضاف في مقابلة تلفزيونية أن المؤتمر يدعو إلى الحوار.
وطالب بوسهمين المجتمع الدولي بالاقتراب أكثر من حقيقة الوضع في ليبيا، داعيا إلى اتخاذ موقف جاد من الدول التي تورطت في القصف الجوي على بعض المدن الليبية.
وفي هذا السياق طالب رئيس الوزراء الليبي عمر الحاسي المبعوثَ الأممي في ليبيا بإعادة قراءة المشهد الليبي من جديد. وقال الحاسي في مؤتمر صحفي عقده بطرابلس، إن حكومته تتمنى من المبعوث الأممي أن يكون رسولا للمحبة بين الليبيين جميعا، وألا يكون جزءا من المشكلة.
من جانبه قال رئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان إن القرار الذي أصدرته الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا بداية لنهاية الصراع السياسي والانقسام الاجتماعي الحاصل في ليبيا. وأضاف أن القرار لا يُعدّ انتصاراً لطرف ضد آخر، بل هو انتصار للوطن وبداية لإقامة دولة المؤسسات والقانون.
وجاء في الحكم أن القانون المنظم للانتخابات البرلمانية الماضية الذي أعدته "لجنة فبراير" في المؤتمر الوطني ملغى, وهو ما يعني حل مجلس النواب الحالي، وكل ما ترتب على هذا المجلس من قرارات تشمل تشكيل حكومة الثني والإعلان عن انتخابات رئاسية.
يشار إلى أن مجلس النواب وحكومة الثني كانا معترفا بهما رسميا في الخارج. لكنهما واجها معارضة شديدة من الأطراف الليبية المحسوبة على ثورة 17 فبراير/شباط 2011, والتي كانت ترى في قرارات المجلس -بما فيها دعم ما يسمى "عملية الكرامة" التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر في بنغازي- انقلابا على الثورة.

وضع جديد
ونقل مراسل الجزيرة محمود عبد الواحد عن صالح المخزوم النائب الثاني لرئيس المؤتمر الوطني، أن المؤتمر استأنف نشاطه وسيستمر إلى أن يصدر الدستور -المتوقع صدوره يوم 24 ديسمبر/كانون الأول القادم- وإجراء انتخابات برلمانية جديدة, لكنه أكد في المقابل أن هذا لا يعني عدم تحديد تاريخ لانتهاء ولايته.
وأفاد المراسل بأن مظاهرات حاشدة خرجت في ميدان الشهداء بطرابلس ترحيبا بقرار المحكمة العليا.
كما تظاهر الآلاف في مدن مصراتة والزاوية وغريان وزوارة وفي مدن أخرى بالجبل الغربي (جبل نفوسة) ابتهاجا بالحكم.
وكانت أولى ردود الفعل صدرت عن النائب الثاني لرئيس المؤتمر الوطني الذي قال إن الحكم انتصار للوطن وليس لطرف على حساب آخر, مؤكدا أن كل ما صدر من قرارات وإجراءات عن مجلس النواب -الملغى بحكم القانون- "صارت في حكم المعدومة".
من جهته قال الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني عمر حميدان إن المؤتمر هو صاحب القرار والشرعية, مضيفا أنه سيسعى إلى حلول سياسية للوضع الراهن بما فيها دعم حكومة الإنقاذ برئاسة عمر الحاسي.
وكان المجلس والحكومة قد تعرضا لاتهامات بالخيانة من قبل القوى الداعمة لثورة فبراير لدعوته إلى التدخل الأجنبي في ليبيا, وأشارت تلك القوى إلى دعم عسكري مباشر من مصر والإمارات لحكومة الثني.