هل تنجح المتغيرات الجديدة في فرض التسوية بالسودان؟
عماد عبد الهادي-الخرطوم
بينما يتساءل كثير من المتابعين عن إمكانية نجاح المباحثات بين الحكومة السودانية ومتمردي الحركة الشعبية قطاع الشمال في ظل ربطها باتفاقية نيفاشا، يعتقد آخرون أن ظهور لاعبين دوليين جدد على مسرح الأحداث قد يفرض على الطرفين قبول تسوية غير قابلة للرفض.
ووفق الوساطة الأفريقية، فإن المباحثات ستنطلق بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا في 12 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري لمعالجة الأزمة في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق السودانيتين.
وكان الرئيس السوداني عمر البشير أعلن في كلمة أمام اجتماع لمناصري حزبه في 28 سبتمبر/أيلول الماضي إغلاق الباب أمام أي حوار مع "متمردي" الجبهة الثورية المعارضة إلا على ما جاء في اتفاقية السلام الشامل والخاصة بتسريح الجنود وإعادة دمجهم في القوات المسلحة.
وبدا أن وفد الحكومة ورغم تلك الاشتراطات أكثر حماسا للانتقال إلى مرحلة إيجابية من ذي قبل، ولشيء قد يكون من ضمنه تجاوز الاشتراطات ذاتها.
فقد رأى الوفد أن بالإمكان التوصل مع الطرف الآخر إلى تفاهمات "سيكون أهمها التوقيع على اتفاق إطاري ووقف شامل لإطلاق النار".
خيارات ضيقة
ويعتقد عضو الوفد حسين كرشوم أن الطرفين أمام خيارات ضيقة، "تحتم عليهما نوعا معينا من التعامل" لجهة تسريع التسوية السياسية المطلوبة، مشيرا إلى أن الوفد "يحمل ما يدفعه للتفاؤل".
ويؤكد متابعون عدم وجود فرص للمناورة بعد تدخل كافة اللاعبين الدوليين " كالإدارة الأميركية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي".
ويقول كرشوم للجزيرة نت إن الخيار العسكري لم يعد الخيار الأمثل لحل القضية ومعالجة الأزمة، مشيرا إلى أن القضايا المطروحة في الحوار الوطني الذي تتبناه الحكومة "هي نفسها مطالب الحركة الشعبية والجبهة الثورية".
ويراهن على رغبة المواطنين بمناطق الحرب في السلام ووقف كافة أشكال العنف بين الحكومة والمتمردين، داعيا الأطراف الأخرى للاستجابة لنداء السلام والوفاق الوطني.
أما خبير الدراسات الإستراتيجية حسن مكي فيرى أن التدخل الدولي في الشؤون السودانية موجود وليس محل تساؤل، مشيرا إلى تحرك أميركي في الأيام الماضية باتجاه التسوية في السودان، "بعد فشلها في معالجة أزمة دولة جنوب السودان التي صنعتها بيدها".
ويرى في تعليقه للجزيرة نت أن دولة جنوب السودان "دخلت مرحلة اللاعودة"، وبالتالي فإن أميركا تعمل جاهدة لحل أزمة السودان ليلعب دورا مهما في إيقاف الحرب في تلك الدولة.
ولكنه يبدي تشاؤمه من إمكانية حدوث تسوية حقيقية في الأزمة السودانية "قبل أن يتأكد البشير من الحصول على دورة حكم جديدة".
تدخل أميركي
غير أن الكاتب والمحلل السياسي تاج السر مكي يبرر تدخل واشنطن المباشر في إيجاد تسوية سودانية بحدوث اختلال في تصورها القديم للأزمة "بعدما فشلت في الحصول على نتائج إيجابية لانفصال الجنوب السوداني عن الدولة الأم".
ويرى أن وضع قطاع الشمال أصبح حرجا، "فإما أن يكون من اللاعبين الأساسيين في الحرب الدائرة بجنوب السودان بالانضمام لقوات الرئيس سلفاكير ميارديت أو نائبه السابق رياك مشار أو الوقوف على الحياد"، مشيرا إلى أن بقاءه في الحياد سيقطع عنه كافة سبل الإمداد العسكري من جوبا أو عبرها.
ويتوقع في تعليقه للجزيرة نت أن يكون للمباحثات المقبلة شكل آخر "لأنه لا يمكن لقطاع الشمال أن يصبح قوة حقيقية دون جنوب السودان"، مشيرا إلى إمكانية توصل الطرفين إلى اتفاق "سيكون ممكنا بشكل أو بآخر لأن الحكومة السودانية نفسها بحاجة لذلك".
ولم يستبعد حدوث تنازلات من طرفي المعادلة "لأن رفض أي طرف منهما يعني دخوله في مواجهة عقوبات دولية لا قبل له بها".