السلطة الفلسطينية في اختبار تصاعد الأوضاع بالضفة

عوض الرجوب-رام الله
ويقول متخصصون في قضايا الاستيطان وسياسيون ومحللون إن مظاهر العنصرية التي تنتهجها سلطات الاحتلال في الضفة الغربية وحمايتها المستوطنين في اعتداءاتهم، كانت الدافع الأهم لتنفيذ فلسطينيين سلسلة عمليات دهس وطعن فردية شهدتها مدينة القدس والضفة مؤخرا.
وبينما لا ترى السلطة الفلسطينية في الحراك الشعبي خروجا على القانون، لا يبدو أن العمل يجري على الصعيد الإسرائيلي لوضع حد لاعتداءات المستوطنين وتخفيف حدة الاحتقان.

قوات إضافية
وأعلنت إسرائيل الدفع بالمزيد من قواتها إلى الضفة، بينما تحدثت منظمة إسرائيلية عن عدم محاسبة مرتكبي الجرائم من المستوطنين.
وتوقع مسؤول ملف الاستيطان شمالي الضفة الغربية غسان دغلس أن يكون الوضع قد اقترب من لحظة اللاعودة في المواجهات، مشيرا إلى تمادي المستوطنين وتزايدهم بمعدل ألف شهريا (ستمائة ألف مستوطن بالضفة)، وازدياد اعتداءاتهم وإضرارهم بالمواطنين الفلسطينيين.
ولا يرى دغلس في الأفق حلا لإقامة دولة فلسطينية أو زوال الاستيطان، ويقول، "لم يعد المواطن الفلسطيني يتحمل رؤية مجرمين في الطرقات يحميهم جيش مدجج بالسلاح، والوضع أصبح أكثر خطورة، مما يتطلب تدخل المجتمع الدولي لإنقاذ الموقف".
خطورة المستوطنين
ويستشهد دغلس بمحاولة مستوطن أمس إطلاق النار على فلسطينيين كانا يغلقان محلهما التجاري في بلدة حوارة جنوبي نابلس، موضحا أن انتباه مواطن ثالث أنقذهما ودفع المستوطن إلى الفرار.
من جهته، أوضح القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عبد العليم دعنا أن المواجهة مع المستوطنين لم تتوقف، وإنما زادت حدتها وطغت عليها المبادرات الفردية، مما يعكس عمق الأزمة.
ويأخذ السياسي الفلسطيني على السلطة الفلسطينية رفضها انطلاق انتفاضة جديدة، مضيفا أن الانقسام والمفاوضات أسهما في زيادة الاستيطان وانتهاكات الاحتلال والاستفراد بالقدس، مما يقود إلى استحداث أشكال جديدة من المقاومة.
مصير التنسيق
وتقول منظمة "يش دين" (يوجد قانون) الإسرائيلية في بيان لها إنها رصدت تقديم 159 شكوى إلى وحدة الجرائم القومية المنشأة حديثا في شرطة الضفة (معطيات عامي 2013 و2014)، مضيفة أن السلطات المكلفة بالتحقيق والمقاضاة أتمت لوائح اتهام في اثنتين منها فقط لمشتبه بهما، وأغلق الباقي.
ويلقي الوضع المتوتر في الضفة ظلاله على العلاقة بين السلطة وإسرائيل، ويطرح تساؤلات عن مصير التنسيق بشقيه المدني والسياسي.
وأوردت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن تصاعد الاحتقان في الضفة يهدد التنسيق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

قرار سياسي
ويشدد الناطق باسم الأجهزة الأمنية عدنان الضميري على أن التنسيق مع إسرائيل بشقيه المدني والأمني "موضوع سياسي يحتاج وقفه إلى قرار سياسي".
ويتهم الضميري إسرائيل بالسعي لتفجير الوضع، مشددا على وقوف السلطة الفلسطينية إلى جانب الشعب "الذي لا يقوم بأعمال خارجة عن القانون، وإنما يدافع عن نفسه".
وينفي أن تكون السلطة وأجهزتها الأمنية قد اعترضت أيا من الاحتجاجات الشعبية، وقال "نحن موجودون لنحمي شعبنا بكل الوسائل الممكنة".
التعاون الأمني
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصدر عسكري "أن الجيش يواصل التعاون مع أجهزة الأمن الفلسطينية، وأن الأيام المقبلة ستوضح ما إذا كانت الأحداث الأخيرة موجة عابرة أم أنها تتجه نحو التصعيد".
من جهته، أصدر رئيس أركان جيش الاحتلال بني غانتس تعليمات إلى قادة الوحدات العسكرية بالضفة الغربية للتهيؤ "لاحتمال تصاعد أعمال العنف"، وأضاف أن "إسرائيل تعمل على تهدئة الأوضاع".
في ظل هذا الوضع المعقد، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس الدكتور أحمد رفيق عوض إن "السلطة الفلسطينية باتت بين مطرقة الاحتلال الذي يهينها ويتجاوزها ويجردها من صلاحياتها، وبين سندان أحلام جمهورها وشعبها بالتحرر ومواجهة المحتل".
خيارات صعبة
وأضاف في حديث للجزيرة نت أن السلطة في ظل التزاماتها أمام جمهورها وأمام إسرائيل وأمام المجتمع الدولي، تقف أمام خيارات صعبة جدا وهوامش ضيقة، لكنها مضطرة لأن تتمسك بنهج المفاوضات من أجل البقاء والشرعية والتمويل.
وتابع قائلا "إن السلطة محصورة بين استيعاب الحراك الجماهيري لديها وبين السماح له بالتحرك وهو ما قد يفقدها سيطرتها وحتى مواقعها".
ورجح أن تتعامل مع الحراك الشعبي بأساليب متعددة، "الاحتواء بدل القمع، والتوجيه بدل المواجهة".
أما سياسيا فلم يستبعد عوض احتمال استخدام السلطة الفلسطينية الحراك كخيار لتحسين وضعها التفاوضي مع إسرائيل.