الهموم الأمنية تسيطر على مباحثات الثني في السودان

عماد عبد الهادي-الخرطوم
ويبدو أن تلك القضايا فرضت نفسها في أعلى مراتب التباحث، خاصة أن اللقاء نفسه جاء في ظل اتهامات ليبية للخرطوم بمساعدة جماعات إسلامية تقاتل القوات الحكومية.
وشهد اليوم الأول من المباحثات -وفق وزير الخارجية السوداني علي كرتي- جلسة معمقة في كل الموضوعات المطروحة بين البلدين.
وقال إن هناك ظنا ليبيا في السابق أن لدى السودان موقفا سلبيا من الحكومة الليبية، "وقلنا إن هذا غير صحيح، وإن ما كان ينشر هو معلومات مغلوطة".
وأضاف الوزير السوداني للصحفيين أن ليبيا بحاجة إلى مساعدة دول جوارها وهذا مثار اهتمام من السودان، "باعتبار أننا تضررنا من النظام السابق مما جعلنا نقف مع الثورة التي أزالته".

وذكر أن السودان يسهم في العمل الأمني والعسكري مع الحكومة الليبية "وليس مع أية أطراف أخرى"، مشيرا إلى أن هناك مصالح مشتركة عديدة بين الدولتين "لكن التركيز في هذا الوقت على استقرار ليبيا".
وقال إن المصالحة بين الفرقاء الليبيين هي أساس الحل في ليبيا "لأن هناك حكومة منتخبة وبرلمانا منتخبا وما على الجميع إلا البناء على ذلك"، مؤكدا ألا مخرج من الأزمة الحالية غير اجتماع الأطراف الليبية المختلفة.
وكشف عن خطة حل طرحتها دول الجوار الليبي "تبناها السودان وسيحاول تنفيذها مع الآخرين بعد التأمين عليها من الحكومة الليبية".
آفاق جديدة
ومن جهته، قال وزير الخارجية الليبي محمد الدائري إن بلاده تتطلع إلى آفاق جديدة ومنفردة في علاقاتها مع السودان، مشيرا إلى أن حكومته عبرت عن امتنانها للسودان عن دوره في "حرب التحرير" في إشارة للثورة التي أطاحت بنظام القذافي عام 2011.
وأعلن عن وجود استحقاقات للتعاون العسكري التي تربط ليبيا مع مصر والأردن والإمارات العربية والسودان لرفع قدرات جنود وضباط الجيش الليبي "وضرورة بناء جيش وطني في ليبيا".
ولفت إلى أن حكومته تسعى لحل سياسي لتجنيب البلاد آثار الدمار والتخريب، و"نتمنى من أشقائنا أن يساعدونا في تحقيق ذلك".
وأعلن أن الجانب الليبي يريد أن يطوي صفحة الاتهامات الموجهة للسودان، "وجئنا لنؤكد على دعم علاقات الأخوة وحسن الجوار بيننا".

وتعليقا على ذلك يرى الكاتب والمحلل السياسي عبد الله آدم خاطر أن خشية الدولتين من التأثيرات الدولية في المنطقة تقودهما لتسوية خلافاتهما مهما كبرت، مشيرا إلى أن وجود "حركات متطرفة في دولة على حافة الصحراء هي جزء من حالة الفوضى المحتملة إذا ما انهارت الدولة الليبية".
ويقول للجزيرة نت إن المجتمع الدولي "يريد أن تكون تلك الحركات تحت السيطرة الليبية بمساعدة السودان الذي يعتبر بوابة العبور لها إلى ليبيا كما هو العكس".
بدوره اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة أم درمان الإسلامية صلاح الدومة أن المباحثات بين الخرطوم وطرابلس "هي محاولة سودانية لإثبات حسن النوايا وإقناع محور السعودية ومصر والإمارات بانتقاله لمربع التوافق مع رؤية الآخرين".
واعتبر في تعليقه للجزيرة نت أن الحكومة السودانية تسعى للانسحاب من الساحة الليبية "لكن بما يحفظ ماء وجهها أمام حلفائها"، مشيرا إلى أن ما تمر به البلاد من أزمات "لا يقبل أية ضغوط أو توتر مع دول المنطقة".