سيناء بين الإرهاب والطوارئ
الجزيرة نت-القاهرة
هي المرة الأولى التي تُفرَض فيها حالة الطوارئ وحظر التجوال بإحدى مناطق مصر منذ تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السلطة في يونيو/حزيران الماضي، وذلك بعد مقتل 33 من عناصر الجيش في تفجيرين في مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء.
ووفق البيان الذي أصدره مجلس الدفاع الوطني الذي يرأسه السيسي يوم الجمعة الماضي، أعلنت حالة الطوارئ وحظر التجوال من الساعة الخامسة مساء حتى السابعة صباحا لمدة ثلاثة أشهر في المناطق من تل رفح شرقا مرورا بخط الحدود الدولية وحتى منطقة العوجة، ومن غرب العريش حتى جبل الحلال، ومن غرب العريش مرورا بساحل البحر الأحمر حتى خط الحدود الدولية في رفح شمالا، ومن جبل الحلال حتى العوجة على خط الحدود الدولية جنوبا.
ودخل القرار حيز التنفيذ اعتبارا من الساعة الخامسة صباح السبت الماضي، حسب ما أعلن محافظ شمال سيناء اللواء عبد الفتاح حرحور.
ويختلف خبراء عسكريون بشأن جدوى الحلول التي لجأت لها السلطات المصرية بين متفائل يؤكد أنها ستأخذ المنطقة الساخنة نحو الهدوء، ومتوجس يراها مسكنا للأزمة لا حلا لها، خاصة مع تردد أنباء عن تصعيد محتمل من قبل الجيش.
حلول مؤقتة
مدير مركز الحوار للدراسات الإستراتيجية اللواء المتقاعد عادل سليمان قال للجزيرة نت إن العملية التي وقعت "عملية ضخمة" ومن الطبيعي أن تستتبعها إجراءات قاسية للحفاظ على هيبة الجيش المصري من جهة ولرفع الروح المعنوية لأفراده من جهة أخرى.
وأشار سليمان إلى أن أثر الهجوم الأخير لا يتمثل في عدد الضحايا الذين سقطوا على أثره بقدر ما يتمثل في المنطقة التي استهدفت، مؤكدا أن استهداف موقع للجيش "يعني الكثير حتى لو أسفر عن مقتل فرد واحد".
وعن أسباب تدهور الوضع الأمني بسيناء وجدوى الإجراءات التي اتخذتها الدولة، يقول سليمان "إن أسباب الأزمة تكمن في إهمال الدولة طبيعة المنطقة الديمغرافية وغياب الاهتمام بها وحالة التهميش التي يعانيها سكانها"، مضيفا أن الإجراءات التي اتخذت ستكون لها نتائج سريعة على الأرض، لكنها لن تكون دائمة.
وأوضح أن "الإرهاب غالبا ما ينمو في المناطق القليلة السكان والضعيفة الإمكانيات والضئيلة التنمية".
وحذر الخبير الإستراتيجي من استمرار الدولة في "مواجهة العرض وتجاهل المرض"، لافتا إلى أن تفاقم الوضع في سيناء يرجع إلى استخدام المسكنات وليس الحلول الجذرية التي قال إنها "حلول مكلفة وتحتاج إلى إرادة وإدارة جادة".
منطقة عازلة
وتناقلت وسائل إعلام مصرية أحاديث عن عزم مصر إقامة منطقة عازلة بين سيناء وقطاع غزة الفلسطيني، وتهجير عدد كبير من السكان، وهو ما استبعده سليمان قائلا "إن القيادة المصرية لم تفصح عن طبيعة الإجراءات التي ستتخذها في هذا الصدد، ولا أظنها تنوي تهجير السكان أو إنشاء منطقة عازلة، وإن كنت أرى أنها ستتوسع في عملية تدمير الأنفاق وإخلاء المنازل المتصلة بها".
وعلى النقيض من الرأي السابق، توقع الخبير العسكري اللواء المتقاعد طلعت مسلم إقامة منطقة عازلة على الحدود مع قطاع غزة لحسم المواجهة مع "الجماعات الإرهابية" مع استمرارها في تدمير الأنفاق.
وأضاف مسلم -في تصريحات صحفية- أن عمل منطقة عازلة "يصب في صالح الأمن القومي المصري وسيسهل مواجهة الإرهاب، خاصة في ظل حالة الطوارئ التي تسمح أيضا باتخاذ إجراءات سريعة في تلك المواجهة دون انتظار الإجراءات القانونية".
أما الخبير العسكري اللواء المتقاعد محمد علي بلال فتوقع توسيع العمليات العسكرية وبسط النفوذ الأمني بالمنطقة. واستبعد بلال -في تصريحات صحفية- إنشاء منطقة عازلة قائلا "إن مصر عندما لجأت لتهجير سكان في حروب سابقة كانت تهدف لتأمينهم أما الآن فليس هناك خطر يتهدد السكان".
يشار إلى أن العملية الأخيرة هي الأكبر من حيث عدد الضحايا في صفوف الجيش منذ تصاعد العمليات بين الجيش والمسلحين المنتشرين في شبه جزيرة سيناء، والتي تصاعدت وتيرتها منذ عزل الرئيس محمد مرسي في يوليو/تموز من العام الماضي.