معركة الحسم بين النظامين القديم والجديد بانتخابات تونس
خميس بن بريك-تونس
تشكل الانتخابات التونسية -التي ستنهي مرحلة الانتقال المؤقت وتمهد لبناء مؤسسات دائمة للدولة- معركة حاسمة بين النظامين القديم والجديد في أعقاب الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي عام 2011.
وتتنافس في الانتخابات البرلمانية -التي ستنطلق في الخارج يوم الجمعة وتنتهي مع بدء الانتخابات في الداخل الأحد المقبل- 1326 قائمة حزبية وائتلافية ومستقلة، تضم معارضين سابقين ووزراء انتموا للنظام القديم.
كما تضم قائمة تتكون من 27 مرشحا للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 26 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل شخصيات سياسية تقلدت مناصب وزارية سواء في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة أو في عهد الرئيس المخلوع.
وخلافا لانتخابات المجلس التأسيسي بعد الثورة التي أقصي من المشاركة فيها رموز النظام السابق، تشهد هذه الانتخابات مشاركة مكثفة لمسؤولين سابقين في كل الدوائر الانتخابية بعد إلغاء بند العزل السياسي من قانون الانتخابات.
أراء متباينة
وتتباين ردود فعل الناخبين التونسيين بشأن عودة رموز النظام السابق إلى الترشح للانتخابات بعد نحو أربعة أعوام على الثورة بين من يعتبر أن عودتهم لا تشكل تهديدا على البلاد وبين من يرى أن مشاركتهم خطر على الديمقراطية.
يقول المواطن حبيب إن المسؤولين السابقين "لم يتورطوا جميعا في الاستبداد والفساد"، مؤكدا أن "البعض منهم سعى إلى خدمة البلاد، لكن مورست عليهم ضغوط قوية من قبل النظام السابق".
ويضيف للجزيرة نت أن عودتهم جاءت نتيجة تخلي المجلس التأسيسي (البرلمان) عن قانون العزل السياسي تجنبا لوقوع انقسام في البلاد، مبرزا أن "المسؤولين السابقين تعلموا من أخطائهم السابقة ولن يسقطوا في نفس الممارسات".
في المقابل، أعرب المواطن التونسي فوزي للجزيرة نت عن خيبة أمله من رؤية رموز النظام السابق تكتسح سباق الانتخابات، مشيرا إلى أنهم "تورطوا في إذلال الشعب التونسي طيلة عقود دون أن يحاسبوا أو حتى يعتذروا للناس".
ويقول إن "عودتهم إلى المشهد السياسي جاءت نتيجة تحكمهم في قطاعات مهمة في مواقع الدولة، بينها الإعلام ووزارة الداخلية وجهاز القضاء، إضافة إلى ضغوط خارجية مورست على المجلس التأسيسي لإلغاء العزل"، وفق رأيه.
ضغوط دولية
ولا يختلف هذا الرأي مع وجهة نظر زعيم حركة وفاء عبد الرؤوف العيادي -أحد أبرز معارضي نظام بن علي- الذي عزا عودة رموز النظام السابق إلى الساحة السياسية لوجود "ضغوط دولية مورست على الأغلبية بالمجلس التأسيسي".
ويقول للجزيرة نت إن التدخل الخارجي للسماح بعودة النظام السابق كان واضحا بعد حرق السفارة الأميركية في سبتمبر/أيلول 2012، متهما حكومة الترويكا المستقيلة بأن "أداءها كان ضعيفا ومرتبكا في تفعيل مسار المحاسبة".
ويرى العيادي أن إطلاق سراح رموز النظام السابق بعد الثورة دون محاسبة جعلهم يكتسبون الجرأة للظهور في وسائل الإعلام والحديث بأنهم حققوا إنجازات كثيرة للبلاد، وأنهم هم الأصلح لقيادة البلاد في المرحلة المقبلة، كما ذكر.
لكنه عبر عن ثقته في أن الناخبين لن يصوتوا لرموز النظام السابق الذين تورطوا في منظومة الاستبداد. وهذا الرأي يتقاسمه معه المواطن فوزي الذي يرى أن الناخبين سيمنحون أصواتهم للأحزاب التي انبثقت من رحم الثورة.
مصلحة البلاد
وبخصوص موقف أحد المسؤولين السابقين من محاولة عودة النظام السابق إلى الحكم من خلال المشاركة في الانتخابات يقول عبد الرحيم الزواري -أحد وزراء بن علي الذين ترشحوا لانتخابات الرئاسة- إن "المسؤولين السابقين يسعون لوضع خبرتهم خدمة لمصلحة البلاد".
ويضيف للجزيرة نت أنه كان أحد المسؤولين الذين امتثلوا للقضاء بعد الثورة، مبرزا أن القضاء برأه من جميع التهم التي وجهت إليه. ويقول "نحن لسنا ضد المحاسبة بل بالعكس لقد امتثلنا للعدالة لثقتنا في أنفسنا بأننا شرفاء".
وأشاد الزواري بموقف حركة النهضة الإسلامية التي فازت بأغلب المقاعد في الانتخابات السابقة بخصوص تخليها على قانون العزل السياسي، معتبرا أن "موقفها تعامل برصانة مع التحولات الداخلية والإقليمية"، وفق تعبيره.