الحوثيون يعيدون إنتاج نظام صالح بغلاف جديد
مأرب الورد-صنعاء
وخلافاً لتحركاتهم في المحافظات الأخرى, اعترف الحوثيون بتنسيقهم المسبق مع السلطات الرسمية قبل دخولهم محافظة الحديدة الإستراتيجية على البحر الأحمر غربي البلاد يوم الثلاثاء الماضي، وبعد ذلك واصلوا سيطرتهم على المنشآت المدنية والعسكرية وآخرها اقتحامهم للقاعدة البحرية ونهب أسلحتها.
في المقابل أقر فارس السقاف مستشار الرئيس اليمني بوجود تنسيق رسمي مع الحوثيين عند دخولهم الحديدة، لكنه أوضح أن هذا التنسيق يشمل فقط مشاركتهم حراسة بعض المقار الحكومية، وإقامة عدد من النقاط الأمنية وليس تسليمهم المدينة.
ولم يوضح السقاف في حديث للجزيرة نت الجهة الرسمية التي نسقت مع الحوثيين الذين يقولون إنها الحكومة ووزارة الداخلية. غير أن مصدرا أمنيا نفى في تصريح صحفي مؤخراً وجود أي تنسيق بين الداخلية والحوثيين لدخولهم المحافظات.
وأشار المصدر -وفق وكالة الأنباء الرسمية- إلى أن الوزارة ملتزمة ببنود اتفاق السلم والشراكة الذي يقضي بإزالة المسلحين الحوثيين خيام اعتصاماتهم بعد تكليف خالد بحاح بتشكيل الحكومة الجديدة.
استعادة السلطة
ويرى محللون أنه بغض النظر عن الجهة الرسمية التي نسقت مع الحوثيين لتسليم عدد من المحافظات، فإن إصرارهم على استكمال إسقاط مؤسسات الدولة يكشف علاقتهم بالنظام القديم وتوجههم بشأنه في الفترة القادمة.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي أن التمدد الحوثي في المحافظات يمثل الخطوة الأخطر في مشروع استعادة سلطة النظام القديم، عبر استكمال مهمة الإسقاط الرمزي للدولة تمهيدا لإعلان وفاة النظام الانتقالي والسيطرة على الدولة.
وأشار التميمي في حديث للجزيرة نت إلى أن "استبدال الحوثيين مسلحيهم بقوات الأمن في المحافظات يوجِد الأرضية المناسبة لإنهاء كل ما تبقى من النظام الانتقالي، وإعادة النظام القديم من خلال الإعلان عن مجلس عسكري".
بيد أنه أوضح أن تعثر سيطرة الحوثيين على محافظتي تعز وإب بعد اصطدامهم برفض المجتمع والقبائل مثل انتكاسة حقيقية لما أسماه "المشروع الانقلابي", كما اعتبره عودة قوية لقوى ثورة 11 فبراير/شباط 2011 وبقية القوى المؤمنة بالنظام الجمهوري.
مجلس عسكري
بدوره أكد رئيس مركز "ساس" للأبحاث ودراسة السياسات عدنان هاشم أن الحوثيين يسعون لاستكمال سيطرتهم على مؤسسات الدولة، والتخلص من الحالة الراهنة، عبر تجنيد 20 ألفاً من عناصرهم في مؤسستي الجيش والأمن كما طالبوا بذلك.
ورجح في حديث للجزيرة نت أن يعقب عملية إحكام قبضتهم على الدولة تشكيل مجلس رئاسي عسكري يضم قيادات موالية لهم، وأخرى موالية للرئيس المخلوع علي صالح، بينهم نجله أحمدعلي صالح سفير اليمن الحالي بالإمارات وقائد الحرس الجمهوري سابقا.
وأعرب هاشم عن مخاوفه من أن تؤدي عملية دمج عناصر الحوثي في صلب الجيش والأمن إلى تكرار تجربة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي في دمج المليشيات الشيعية في القطاعين العسكري والأمني، وهو ما أدى إلى اندلاع حرب أهلية.
وأشار إلى أن هذا السيناريو قد يؤدي إلى انتفاضة مجتمعية يفجرها غضب الشعور بالتهميش والإقصاء ودخول البلاد في مرحلة التشظي والتفكك الجغرافي.