قحطان: "انتفاشة" الحوثيين إلى زوال
الجزيرة نت-صنعاء
أكد عضو الهيئة العليا لحزب التجمع اليمني للإصلاح محمد قحطان أن سيطرة جماعة أنصار الله على العاصمة، أو ما سماها "انتفاشة" الحوثيين المسلحة، ستتلاشى. موضحا أن الشعب كان مستعدا لتأييد الدولة في الدفاع عن صنعاء، لكن الموقف الرسمي كان غريبا، حيث لم تتشكل غرفة عمليات لصد هجوم الحوثيين ورفضت الدولة المقاومة وقررت تسليم العاصمة.
وقال قحطان في حوار مع الجزيرة نت إن وضع الحوثيين الحالي غير قابل للاستمرار وسيتلاشى إما عبر "التنفيذ الجاد" لاتفاق السلم والشراكة الذي تم توقيعه مؤخرا وهنا سيكون تلاشيا إيجابيا، أو قد يكون تلاشيا سلبيا عليهم وعلى اليمن لأن البلاد شهدت دورات عنف عديدة وهي بحاجة إلى الاستقرار.
ونبه قحطان إلى أن حزب الإصلاح ملتزم بالاتفاقيات التي تم توقيعها، وأن لدى الحزب النية والجدية الكاملة للسير نحو تنفيذها، محذرا من أن أي إفشال وإجهاض لهذه الوثائق سينعكس سلبا على الجميع دون استثناء. وفيما يلي نص الحوار:
هناك ضبابية تجاه الأحداث التي عصفت باليمن مؤخرا، كيف لبلد فيه أحزاب سياسية قوية ومجتمع مدني ناضج أن تسقط عاصمته بيد المليشيات المسلحة؟
الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني موجودة وغير راضية عن ما يجري، لكنها ليست معنية بالحراسة والحماية، فالمشكلة أن الجهات المكلفة بحماية العاصمة هي التي سلمتها، وعندما يتيح الحارس للص أن يدخل البيت فلم يعد هناك مجال للاستغراب أو السؤال بكيف دخل اللص.
ما الذي حدث يوم سقوط صنعاء؟ كان هناك ترتيب للجان شعبية تساند الجيش، لكن المستغرب أنه خلال ساعات قلائل سقطت العاصمة بيد الحوثيين؟
كان هناك استعداد شعبي للدفاع عن صنعاء، وواضح أن المسيرات التي خرجت مؤيدة للشرعية وما يعرف بمسيرات الاصطفاف الوطني كانت أكبر وأضخم من مسيرات الحوثيين وأنصارهم وحلفائهم، وكان هناك استعدادات كاملة لتشكيل لجان شعبية والدفاع عن العاصمة، لكن في النهاية كل هذه الاستعدادات هي رديفة لجهد الدولة، وليست هناك شرعية لأي مقاومة إلا للدولة، ولو كانت بقيت الدولة مجرد رمز جاد للمقاومة لاختلف الوضع، لكن أي مقاومة شعبية دون غطاء ومساندة من الدولة فذلك معناه نشوب حرب أهلية يكون ضررها أكثر من نفعها.
من المعروف أن وزير الدفاع ينفذ توجيهات القائد العام للقوات المسلحة عبد ربه منصور هادي، كيف تقيمون دور مؤسسة الرئاسة في مواجهة الأزمة وهل تحركت بفاعلية؟
الشعب كان مستعدا لتأييد الدولة في الدفاع عن صنعاء، لكن الموقف الرسمي كان غريبا، حيث لم تتشكل غرفة عمليات لصد هجوم الحوثيين، ويوم سقوط صنعاء لم يكن رئيس هيئة الأركان في مكتبه ولا وزير الدفاع في مكتبه بمعنى أنه لا توجد غرفة عمليات، وعملياً كان الاستغراب يوم سقوط العاصمة من الذين لم يتابعوا المجريات قبلها، ففي يوم السقوط كان المطار قد سبق أن حوصر، والطرق الرئيسية حوصرت.
أما بؤر المقاومة التي تشكلت فقد دافعت بشكل محدود، وهم بعض العساكر والضباط الذين كانوا في المنطقة السادسة وقليل كانوا في مبنى التلفزيون، أضف إلى ذلك ما حصل من انقسام بين الجنود المكلفين بحماية مبنى التلفزيون، فجزء منهم أصرَّ على الالتزام بالتوجيهات التي أتت بعدم المقاومة، وجزء منهم يقول نحن معنيون بالدفاع عن هذه المؤسسة، وهؤلاء الجنود والضباط هم من قاوموا في حين انسحب الآخرون بينما كانت هناك فئة تآمرت على الذين قرروا المقاومة، وهذا نموذج فقط مما حصل يوم سقوط صنعاء. وهؤلاء الذين قاوموا نحن نعتبرهم الوطنيين الحقيقيين ويستحقون التقدير، وسيقدرهم الشعب غدا إذا تم التواطؤ والسكوت عن موقفهم اليوم.
وقعتم اتفاق السلم والشراكة، لماذا لم تطبق بنوده المزمنة حتى الآن؟ ومن هو الطرف المعرقل لذلك؟
اتفاق السلم والشراكة تم خرقه قبل وأثناء وبعد التوقيع، ومع ذلك يبقى نظرياً هو الطريق الذي لا بد أن يتم تنفيذه، والعرقلة جرت كما تابعنا جميعاً منذ الخطوة الأولى، وبالذات فيما يخص تشكيل الحكومة واختيار رئيس الوزراء، ونحن نأمل أن يجتمع الرئيس بالمستشارين ليحسموا اختيار رئيس الوزراء سريعا.
هل تسمي طرفا بعينه في عرقلة الحوار؟
لا أتهم حتى الحوثيين، ولا أستطيع أن أقول أنه كان لهم موقف معرقل.
لكن الحوثيين لم يقدموا مرشحا لرئاسة الحكومة، واعترضوا على الاقتراحات التي قدمت؟
لم يعترضوا على كل المرشحين، لكن بالتأكيد كان موقفهم خاطئا في الاعتراض على ترشيح أحمد بن مبارك، لأن الرأي الغالب اتجه نحو بن مبارك كحل ومخرج، وطريقة اعتراضهم -خصوصا خطاب عبد الملك الحوثي- في تقديري هو خطاب من يبحث عن سبب للإثارة والتصعيد.
هل هناك تنسيق بينكم وبين الحوثيين؟
لا يوجد، لكن هناك لجنة مشتركة تتابع موضوع استعادة المقرات والبيوت التي سيطروا عليها وإعادة المنهوبات، ولكنها لم تكن فاعلة بالشكل المطلوب.
هل استلمتم بقية مقراتكم؟
تم استلام بعض البيوت والمقرات، ولكن الأغلب لا يزال مع الحوثيين.
في ما يخص القضية الجنوبية، هناك حشد لتحرك شعبي في المناطق الجنوبية يتزامن مع ذكرى الثورة في 14 أكتوبر/تشرين الأول للمطالبة بالانفصال، كيف تتعاملون كحزب مع الأوضاع هناك؟
ما عمله الحوثيون في صنعاء لم يكن بعيدا عن التطورات التي تجري الآن في عدن وفي الجنوب، وربما هذا يفسر جزءا من الإشكالية، ونعتقد أن الإصلاح لا يمكن أن ينوب عن الدولة ولا ينوب عن الشعب، نحن جزء من الطيف السياسي الموجود وأي موقف وطني يتم تبنيه نحن سنكون معه.
هل يعني ذلك أنكم لن تتبنوا خيارا ثوريا أو حراكا شعبيا لمواجهة هذه الأوضاع؟
نحن حتى هذه اللحظة ملتزمون بمخرجات الحوار الوطني وقبلها بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وحالياً يضاف إلى هذه الوثائق اتفاق السلم والشراكة. نحن ملتزمون بهذا الاتفاق ولدينا النية والجدية الكاملة للسير نحو تنفيذه، ولكن أنا على يقين أنه إذا أُجهضت هذه الوثائق فسيكون المستقبل سيئا علينا جميعاً، ولا يتصور فصيل أو طرف أنه قادر أن يحل محل الآخرين، وبالتالي العقل والمنطق يقتضي أن نمشي جميعاً في هذا الاتجاه.
لكن هل لديكم نية لإعادة الزخم الثوري والحشد الشعبي لتطبيق هذه الوثائق؟
في إطار السير لتطبيق هذه الوثائق يمكن الأخذ بكل ما من شأنه أن يدفع باليمن ليسير قدماً في هذا الاتجاه، وهذا أمر وارد وغير مستبعد، ولكن ليس في نيتنا الآن شيء من هذا.
ذكرتم عدة مبادرات وأوراق تمَّ الاتفاق عليها، لكن هل نستطيع القول بأن المبادرة الخليجية ماتت، خاصة في ظل رفض الحوثيين لها باعتبارهم غير موقعين عليها؟
نحن نقول إن وثيقة السلم والشراكة لم تخرج عن جوهر المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وحكومة الشراكة الوطنية كانت مُقرة من مؤتمر الحوار الوطني وبالتالي لا يمكن أن نقول إن المبادرة ماتت أو مرضت، لكن الشيء الذي نستطيع أن نقوله أنه لم يعد حماس الأطراف التي صنعت المبادرة الخليجية بنفس الزخم الذي كان لديهم حينما صنعوها في بادئ الأمر، حيث كانوا حينها على استعداد لمواجهة أي طرف يخالفها.
كيف تقيّم نظرة المجتمع الإقليمي ودول الخليج بشكل أساسي والمجتمع الدولي لحزبكم، وهو المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين؟
نحن اسمنا التجمع اليمني للإصلاح، وقلنا عن أنفسنا أننا امتداد لحركة الإصلاح اليمنية التي نشأ جزء منها قبل الحركة الوهابية، وجزء آخر زامن ظهور الحركة الوهابية، وجزء من الحركة الإصلاحية جاء بعد الحركة الوهابية كمرحلة تاريخية. والإصلاح لم ينشأ كفرع للإخوان كما هو الحال مع إخوان الشام والأردن وسوريا. فالحركة الإصلاحية في اليمن تبلورت وأخذت بعدها التنظيمي في مرحلةٍ كان فيها إخوان مصر في السجون، لكن لا يستطيع أحد القول بأننا لم نتأثر بمصر.
لكن الدول تعاملكم على اعتبار أنكم جزء من منظومة الإخوان المسلمين؟
لا نستطيع أن نقول إننا لم نتأثر بالأفكار المصرية المطروحة في الجانب الفكري، لكن ليس كامتداد تنظيمي، والتأثر لدينا بفكر الإمام حسن البنا أكثر من التأثر بفكر سيد قطب، فإذا أراد الآخرون أن يسمونا إخوانا فهذا شأنهم، ولكننا سنظل طبعة يمنية خاصة مزيدة ومنقحة.
هل تشعرون أنكم طرف مستهدف؟ أو أنه يدفع باتجاه إخراجكم من المشهد السياسي في اليمن؟
نحن لا نلتفت لمثل هذا الأمر، ونتعامل باعتبارنا التجمع اليمني للإصلاح، ونحن كان لنا مآخذ على أداء الإخوان في مصر، وكنا نتمنى لو كانوا أكثر تفاعلاً مع بيئتهم ومع ألوان الطيف السياسي الآخر، ونحن نعتقد أن هناك مشكلة تتعلق بمصير الأمة وليس بمصيرنا نحن، فهناك أطراف تريد أن تدفع بالعالم العربي -إن لم يكن معه أيضاً العالم الإسلامي- لأتون صراع طائفي، وتجد هذه الأطراف في فكر التطرف بغيتها، وبنفس الوقت تتضايق كثيراً من الاتجاه المعتدل سواء هنا أو هناك.
كيف تنظرون للمستقبل؟ وما المآلات المحتملة للأحداث خاصة في ظل الانسداد السياسي الحاصل حاليا؟
إذا عدنا لتاريخ اليمن فإنه كثيراً ما كان الأئمة الحاكمون للبلد يخرجون على طريقة الحوثيين، فيجمعون القبائل ويهدمون البيوت ويقتلون الناس في الطرقات ويصلون إلى صنعاء، لكن حكمهم نادراً ما استمر لأكثر من عام أو عامين، حيث تظهر انشقاقات وحروب أخرى ويظهر إمام جديد.
أما في الوقت الراهن فأقول إن هذه "الانتفاشة" المسلحة للحوثيين ستتلاشى، وهي غير قابلة للاستمرار، وبالتالي هذا التلاشي إما أن يتم عبر التنفيذ الجاد للاتفاق وهنا سيكون تلاشيا إيجابيا، وإما قد يكون تلاشيا سلبيا عليهم وعلى اليمن، لأن البلاد شهدت دورات عنف عديدة وهي بحاجة إلى الاستقرار، ولكن ومع كل الاحتمالات فإن وضع الحوثيين الحالي غير قابل للاستمرار.
هناك اتهامات لكم بأنكم أوقفتم الحراك الشبابي وارتضيتم بنصف ثورة؟ والآن الثورة المضادة تقتحم البيوت وتعود بالأوضاع إلى أسوأ مما كانت عليه قبل سقوط صالح؟ ما تعليقكم؟
نحن كنا شركاء في هذه الثورة مع أطراف أخرى بغض النظر عن مستوى مشاركة كل طرف، لكن في النهاية هي شراكة وطنية، ولم نكن نحن وحدنا الذين قبلنا بالمبادرة الخليجية ولكن كان هناك رأي جماعي ورأي وطني عام، ونحن لم نخرج عن الرأي العام وبالتالي اتجه الرأي الغالب إلى القبول بالمبادرة الخليجية واتجهنا نفس الاتجاه، وواجهنا غضب وسخط شبابنا "شباب الإصلاح" المشاركين في الثورة، لكنا كاشفناهم بالحقيقة، ولا يوجد موقف نتحمله بشكل منفرد، وبالتالي تقييم صحة القرارات التي اتخذت يجب أن تتم مراجعتها مع كل الأطراف التي شاركت.
أين أصاب الحزب وأين أخطأ في هذه المسيرة كلها ؟
نحن نمارس اجتهادا بشريا، ولا أقول أن تجربتنا منذ انطلاق ثورة فبراير(شباط) 2011 كانت صحيحة 100%، فهي بلا شك تجربة فيها خطأ وفيها قصور في جوانب، وعلى سبيل المثال: نحن أخطأنا في تساهلنا مع النظام القديم في مسائل معينة ومنها ترك العمل السياسي والحصانة.
يتناقل الشارع أنكم وقفتم مع صالح أكثر من ثلاثين عاما، والآن تقفون مع هادي رغم أنه لم يحرك ساكنا عندما سقطت العاصمة بيد الحوثيين؟
نحن في حقيقة الأمر لدينا ما يمكن أن نسميه بواحدة من الثوابت وهو الحفاظ على الدولة اليمنية، ونحن نرى أن بقاء الدولة والشرعية أفضل من أي بديل آخر، ووقوفنا مع علي عبد الله صالح كان في هذا الإطار، خاصة عندما تهددت الدولة اليمنية بالتقويض نتيجة لصراع شطري. فنحن لم نقف مع صالح لشخصه وإنما لإيماننا بأن السماح بانفلات الدولة شر لا تماثله أي شرور.
هناك أصوات ترتفع مطالبة قيادة الحزب بترك المجال للقيادات الشابة، هل هناك خطة لذلك؟ ولماذا لم تنفذ حتى الآن؟
تطوير الحزب لا بد منه، وهناك شيء اسمه انتقال الأجيال داخل المجتمع، وهذا استحقاق إجباري حتى وإن لم تنص عليه اللوائح. وهناك لحظات تاريخية معينة يفرض التغيير فيها نفسه، فالآن هناك داخل الإصلاح الجيل الأول الذي قاد العمل، وهناك جيل صاعد سيتولى المسؤولية كاستحقاق تلقائي طبيعي وفطري، ولا يوجد أحد منا متمسك بالسلطة داخل الحزب.