ضعف أحزاب المغرب بين التقصير الذاتي ومسؤولية النظام
الحسن أبو يحيى-الرباط
أزمة نخب
وفي تصريح للجزيرة نت، قال القيادي في حزب العدالة والتنمية ورئيس كتلته بالبرلمان عبد الله بوانو "إننا عندما ننظر إلى تركيبة البرلمان نجد أنفسنا أمام أزمة نخب حقيقية، وقد تضمّن الخطاب الملكي توجيهات للأحزاب لتجعل مسألة إعداد النخب والبرامج من أولوياتها".
وأشار بوانو إلى أن التحدي أمام الأحزاب ليس تقديم ثلاثين ألف مرشح للانتخابات البلدية عام 2015، وإنما أن تفرز هذه الانتخابات أكثر من 1500 رئيس بلدية و16 رئيس جهة.
ويؤكد رئيس حزب التقدم والاشتراكية وعضو الحكومة الحالية نبيل بن عبد الله أن سؤال الملك يحمل تنبيهات للطبقة السياسية. وقال للجزيرة نت "إن إشكالية النخب مطروحة بقوة في بلدنا، لكن المسؤولية يتحمّلها مَن يسعى إلى نخر المشهد السياسي من الداخل، وللخروج من هذه الوضعية لا بد من ربط السياسة بالأخلاق".
لكن القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي والنائب البرلماني أحمد المهدي مزواري حذّر من ربط سؤال النخب بسياق ظرفي، مؤكدا الحاجة إلى تجويد العرض السياسي، وأن أزمة النخب والبرامج مسؤولية الأحزاب والدولة والمجتمع على حد سواء.
ويقول مزواري للجزيرة نت أن المغرب عرف تجاذبات وصراعات كبرى داخل مجاله السياسي على مدى خمسين عاما، وأن الدولة لعبت دورا سلبيا في عدم بروز فضاء ديمقراطي يمكّن من تداول السلطة، ولكن بعد حراك الربيع العربي صار من اللازم الدخول في مسلسل التأهيل السياسي بجميع مكوناته.
وفي الاتجاه نفسه، ذهب الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال عادل بن حمزة حينما اعتبر أن إفراز النخب عملية لا تتعلق فقط بإرادة الأحزاب، بل أيضا بإرادة الدولة نفسها لأنها "ساهمت في إفساد النخب والحياة السياسية والحزبية، والتحكم في الخريطة السياسية وتمييع التعددية الحزبية.
مشاكل وحلول
وحول الأسباب التي تقف وراء أزمة النخب والبرامج، يقول أستاذ العلوم السياسية محمد الغالي إن أبرز أخطاء الممارسة السياسية، الأنانية التي تمارسها بعض الأحزاب، والسعي إلى تحقيق النتائج دون مجهود عبر استقطاب كائنات انتخابية ومنحها التزكيات لأنها تستطيع الفوز بأي طريقة دون مراعاة لقواعد الشفافية والمصداقية والنزاهة.
وأضاف الغالي في حديث للجزيرة نت أن المؤشرات لا تبعث على الارتياح، فالنخب النافذة والفاعلة في الانتخابات تحضّر نفسها لتقود العمليات الانتخابية المقبلة، وهو ما يمكن أن يوقظ ردة فعل قد تمَس بمصداقية المؤسسات، وهو تخوف حضَر بقوة في خطاب الملك لدى افتتاح الدورة الخريفية للسنة التشريعية الرابعة، حسب الغالي. وخلص إلى أن "تنبيه الملك يأتي في وقت أصبحت فيه الأحزاب عقيمة وغير قادرة على إنتاج نخب وبرامج".
ويحصر بوانو مشاكل الحياة الحزبية في غياب الديمقراطية الداخلية، وتمسك بعض الزعماء السياسيين بالمسؤولية، أو التسلق إليها بطرق غير قانونية، ومحدودية رهانات جل الأحزاب التي تتنافس في الدفاع عن الامتيازات والمصالح الخاصة، وفي النيل من الأشخاص.
أما مزواري فيعتبر المشاكل مُشتركة، وهي نتاج لسياق معيّن جعل الأحزاب تعيش إشكاليات النخب والحكام مما حَدّ من قدرتها على النفاذ إلى المجتمع.
وفي هذا السياق، يدعو بن حمزة الدولة وأجهزتها إلى أن "ترفع يدها عن الانتخابات"، معتبرا أن المشكلة البنيوية التي تعانيها الحياة الحزبية هي "استمرار عدم اقتناع البعض بحتمية الديمقراطية، وأنه ليست هناك بدائل أخرى، ولم يعد من الممكن أن تعمد الدولة دائما إلى صنع هياكل حزبية ومنحها الأغلبية ببرلمانات صورية".