الأوبئة تهدد مخيم اليرموك بعد الحصار والعطش
سلافة جبور-دمشق
تقول أم محمد، إحدى ساكنات مخيم اليرموك جنوب دمشق، إنها وابنها يقطعان مسافة طويلة كل يوم للحصول على مياه للغسيل والاستحمام، ورغم دخول بعض المساعدات الغذائية، فإن الحياة اليومية تزداد صعوبة يوماً بعد يوم، بحسب تعبيرها.
ولا تكشف شهادة أم محمد سوى جزء يسير من الأوضاع المأساوية التي يعيشها المخيم أمنيا واجتماعيا واقتصاديا، فالنظام السوري على ما يبدو لم يكتف بمقتل مئات المدنيين في المخيم، أكثر من 150 منهم بسبب الجوع وسوء التغذية؛ ليبدأ منذ حوالي شهر بفرض حصار جديد من نوعه على السكان بقطع المياه عنهم.
ونتيجة لذلك، وجّه الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أمس السبت نداء عاجلاً لتنفيذ قرار مجلس الأمن، الذي يسمح بدخول المساعدات الطبية والإنسانية إلى المناطق المحاصرة في سوريا، وخصوصا مخيم اليرموك، في وقت يؤكد فيه الناشطون العاملون في المجالات الطبية والإغاثية في المخيم، تدهور الأوضاع الصحية والمعيشية داخله.
حلقة مفرغة
الناشط جهاد شهابي يصف حال أكثر من 15 ألف مدني محاصرين منذ حوالي سنتين داخل مخيم اليرموك، بأنه يدور في حلقة مفرغة، ويتابع أن هناك أنباء عن هدن فاشلة، ومساعدات لا تسمن ولا تغني من جوع، ومحاولات مستمرة لاحتواء الأوضاع المعيشية التي تزداد سوءاً.
جهاد شهابي: مشكلة جديدة تواجه عملية الحصول على المياه، وهي الحاجة إلى مادة المازوت لتشغيل المولدات اللازمة لذلك، إذ يبلغ سعر الليتر الواحد من المازوت داخل المخيم تسعمائة ليرة سورية (أي حوالي خمسة دولارات)، وهو ما يفوق قدرة من تبقى من المدنيين |
ويقول للجزيرة نت، إنه بعد أن قام العاملون في المشفى والنقاط الطبية المتواجدة في المخيم بالحد من العديد من الأمراض التي هددت سكان المخيم خلال الأشهر الماضية كاليرقان وغيرها، تعود تلك الأوبئة لتهدد بالانتشار وذلك بسبب انقطاع المياه النظيفة بشكل تام عن المخيم.
ويضيف أن السكان -كحل لهذه المشكلة- بدؤوا بالاعتماد على مياه الآبار رغم تلوثها واختلاطها بالمياه المالحة نتيجة تضرر البنية التحتية بسبب القصف والاشتباكات.
ويتابع أنه رغم ظهور حالات قليلة جداً من اليرقان، فإن أمراضاً أخرى جديدة متعلقة بالنظافة العامة، كالجرب والقمل والأمراض الجلدية، بدأت بالانتشار بسبب عدم وجود مياه لغسيل الخضراوات أو حتى للاستعمال الشخصي.
ويؤكد شهابي أن مشكلة جديدة تواجه عملية الحصول على المياه، وهي الحاجة إلى مادة المازوت لتشغيل المولدات اللازمة لذلك، ويبلغ سعر الليتر الواحد من المازوت داخل المخيم تسعمائة ليرة سورية (أي حوالي خمسة دولارات) وهو ما يفوق قدرة من تبقى من المدنيين.
ويختم أنه بات مألوفا رؤية مئات السكان وهم يحملون دلاء وأوعية الماء بعد تعبئتها من الآبار، وذلك خلال ساعات معينة يتم تشغيل مولدات الكهرباء فيها.
كارثة طبية
أما الطبيب عمار وهو من الهيئة الطبية العامة لجنوب دمشق، فيقول إن اليرقان لم ينتشر في المناطق المحاصرة جنوب دمشق، رغم ظهور حالات بسيطة من الإصابات به، إلا أن أمراضاً أخرى بدأت بالانتشار.
ويضيف الطبيب الذي يعمل في مشفى التقوى الجراحي في حديثه للجزيرة نت، أنه "ظهرت في الآونة الأخيرة أعراض غير نوعية كآلام البلعوم والاحتقان والوهن العضلي والحمى، مع تشكل أغشية رمادية على البلعوم الأنفي، ولم نتمكن من معرفة المرض بسبب غياب الكفاءات المطلوبة والاختبارات المصلية اللازمة، لكننا نعلم أنه على الأغلب جائحة لأحد الفيروسات".
ورغم السيطرة على الأعراض السابقة وعدم وجود وفيات، فإن غياب الكوادر الطبية والأدوية والمستلزمات الصحية إضافة إلى انقطاع المياه النظيفة عن الجنوب المحاصر، يهدد بكارثة أكبر في المستقبل القريب إن لم يتم وضع حد للحصار، وذلك بحسب الطبيب الدمشقي.