قوانين "التطهير" بين أمل الأوكرانيين وشكهم
محمد صفوان جولاق-كييف
ولا يزال المحتجون ونشطاء الميدان يحملون مطالب تطهير الدولة من نظام الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش، ومن رموز الفساد في جلِّ مؤسساتها، ثم إجراء إصلاحات شاملة.
وقد أقر البرلمان الأوكراني قبل أيام قانونا "للتطهير"، يقضي بسجن أو إقالة أو إقصاء رموز النظام السابق والفساد لفترات تتراوح بين خمسة إلى عشرة أعوام، خصوصا أولئك الضالعين في أعمال العنف التي شهدها الميدان، وتغذية الحراك الانفصالي في شرق البلاد. ويشمل القانون إلى جانب كبار الشخصيات، القضاة ورجالات الشرطة وغيرهم من موظفي الأجهزة الأمنية والتعليمية وحتى الصحية.
الرئيس بيترو بوروشينكو لم يصادق بعد على القانون، لكنه ربطه بمساعي انضمام أوكرانيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي عام 2020 كما حدد، وجمع بينه وبين "إصلاحات شاملة ذات أولوية واحدة، ستسير بالتوازي مع بعضها".
فوضى وصعوبة
واعتبر إقرار القانون خطوة كبيرة على طريق تحقيق مطالب الميدان، لكن ذلك لم يحمه من سيل انتقادات مؤيدي الحكومة ومعارضيها.
النائب الأوكراني العام فيتالي ياريما رأى أن القانون بحاجة إلى تعديل، لأن كثيرا من بنوده تخالف الدستور والمعايير الدولية، خاصة أنها تشمل أكثر من مليون مسؤول وموظف، وهذا "مخالف لمبدأ المسؤولية الشخصية" على حد قوله.
وأضاف ياريما أن "القانون سيؤدي إلى فوضى وصعوبة تنظيم العمل، لأن أعدادا كبيرة من المحتجين ستلجأ إلى المحاكم المحلية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان".
وبدوره قرر حزب الأقاليم -وهو الحزب الذي كان يتزعمه الرئيس المعزول يانوكوفيتش، والمتهم بدعم الانفصاليين- تقديم شكوى إلى المحكمة الدستورية، وأكد أن القانون يخالف الدستور، وأنه قادر على جمع تواقيع أكثر من مائة نائب لتقديم الشكوى التي تحتاج إلى 45 توقيعا فقط.
أمل وشك
وخارج أروقة السياسة، قسم قانون التطهير الأوكرانيين بين من رأوا فيه بصيص أمل سيتحقق، وآخرين شككوا بأن يدخل حيز التنفيذ، كالقوانين السابقة المشابهة.
ويقول القيادي السابق في مليشيات "الدفاع الذاتي" الخاصة بالميدان، تاراس أوساتينكو إن الأمل أكبر من الشك، لأن المشهد السياسي تغير بشكل كبير، ولم يبق إلا تغيير تركيبة البرلمان لتقوم أوكرانيا بعمليات التطهير والتنظيف في سلطاتها ومؤسساتها.
وأضاف -في حديث للجزيرة نت- أن السلطات تعلم أن الشعب لن يقبل التباطؤ ومحاولات الالتفاف، وإلا فستتشكل ميادين جديدة تطيح بكل من يفضل مصالحه على مصلحة الوطن والشعب.
وبنظرة تشاؤمية، قال المحلل السياسي وخبير العلاقات الدولية تاراس بيريزوفيتس للجزيرة نت، إن وجوها كثيرة عادت للقضاء والشرطة بعد إقالتها بأشهر، ولهذا فإن أي قانون يبقى محل شك قبل أن يطبق ويُحدث الأثر.
ولفت بيريزوفيتس إلى أن قوانين التنظيف والتطهير والإصلاح التي أقرت كثيرة، لكنها لم تتجاوز جدران البرلمان، بل استغلت غالبا للانتقام، أو لفرض الهيمنة على المؤسسات، والأوكرانيون يعون ذلك جيدا ويخشون تكراره، على حد قوله.