"ثورة المظلات" بهونغ كونغ تتقمص ثورات الربيع العربي
سامر علاوي-هونغ كونغ
يسود حيَّ التجارة والأعمال وسط هونغ كونغ شعور بتخطي حاجز "اللارجعة" عن المطالب الشعبية التي حددها قادة حملة "احتلوا مركز المدينة" بمطلبين رئيسيين، هما: إقالة الرئيس التنفيذي لهونغ كونغ، وسحب قرارات مجلس الشعب الصيني.
ويقول المحتجون إن هذه القرارات تحد من الديمقراطية حيث تسمح للسلطات الصينية بتحديد أهلية وعدد الأشخاص الذين يتقدمون للانتخابات المزمعة عام 2017. وتوعد قادة مظاهرات هونغ كونغ بتصعيد احتجاجاتهم ما لم تستجب السلطات الصينية لمطالبهم.
ويقول المتظاهرون الطلاب إنهم حققوا هدفهم المرحلي المتمثل بشلِّ الحركة في أربع مناطق رئيسية في هونغ كونغ، أبرزها: حي التجارة والأعمال، وتتشكل حركة العصيان المدني من مجموعتين رئيستين، هما: شباب الجامعات الذين يشكلون محرك الاحتجاجات التي بدأت يوم 22 سبتمبر/أيلول، ثم لحق بهم التحالف الديمقراطي الذي يعرف بحركة "احتلوا وسط المدينة".
ويبدو الهدف واضحا من وجهة نظر الشباب، وهو التزام سلطات بكين بخصوصية الوضع السياسي لهونغ كونغ، حيث يؤكد الناشط في الاحتجاجات، آيفين بانغ، على ضرورة الاستمرار في الضغط على الصين كي تفي بوعودها التي قطعتها قبل انضمام هونغ كونغ إليها، حيث ينص اتفاق إعادة هونغ كونغ للسيادة الصينية على تمتعها بخصوصية سياسية واقتصادية حتى عام 2047.
ربيع هونغ كونغ
ويضيف في حديثه للجزيرة نت، أن شعب هونغ كونغ مصمم على اختيار قيادته بنفسه، وتغييرات الصين تحرمهم من هذا الحق. ويعتبر بانغ -الذي كان يتحدث ضمن مجموعة من زملائه- أن إقالة رئيس السلطة التنفيذية في هونغ كونغ خطوة أولى ستتبعها خطوات.
ويشبه أستاذ العلوم السياسية جوزيف تشين "ثورة المظلات" -كما يحب أن يُطلق عليها- في هونغ كونغ بالربيع العربي، ويشير في ذلك إلى مطالب العدالة الاجتماعية التي يتبناها الشباب وليس فقط الديمقراطية.
ويرى تشين -الذي ينسق بين تحالف قوى الديمقراطية- أن شباب هونغ كونغ واقعيون ومتحمسون، ويعتمدون في ثورتهم على وسائل التواصل الاجتماعي مثل شباب الربيع العربي في بداياته.
ويضيف في حديثه للجزيرة نت، أن السلطات الصينية لم تتجاوب حتى الآن مع المطالب الشعبية، ولم ترسل أي إشارات حسن نية، وفي المقابل، فإن الشباب لن يتركوا الميادين، ومستعدون لموجات من العصيان المدني، معتبرا في تصريحاته للجزيرة نت، أن حكومة هونغ كونغ ينقصها الشرعية وغير مؤهلة للاستمرار.
تجنب المواجهة
وعشية الاحتفالات بالعيد الوطني الصيني، حالت سلطات هونغ كونغ دون وصول المحتجين إلى مقار الحكومة، وبينما أعربت بكين عن ثقتها في إدارة هونغ كونغ أزمتها بنفسها والابتعاد عن التدخل العنيف، حدد المحتجون مطالبهم بالدعوة لإقالة الرئيس التنفيذي لهونغ كونغ الذي أقر بأن لا نهاية قريبة متوقعة لموجة الاحتجاجات الحالية.
وفي اليوم الرابع من حملة العصيان المدني واحتلال وسط هونغ كونغ، أبدت كل من السلطات وقادة المحتجين ليونة يبدو أنها تهدف إلى تجنب المواجهة بينهما، حيث تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي رسالة للرئيس التنفيذي لهونغ كونغ، ينفي فيها تحريك مدرعات والتوجه لاستخدام رصاص مطاطي لقمع المظاهرات، وأنه يتفهم تحرك المعتصمين ويطالبهم باحترام مهنية الشرطة وعدم إحداث فوضى.
في المقابل، ألقى تشين جيان مين، أحد قادة الاحتجاجات، كلمة عاطفية اعتذر خلالها عن المضايقات التي تسبب بها العصيان المدني للسكان والتجار، وطلب منهم المسامحة على ما وصفه بالظرف الطارئ من أجل مصلحة بعيدة المدى.
أما وكالة شينخوا الصينية، فقدرت الخسائر الاقتصادية لجزيرة هونغ كونغ جراء احتلال حي التجارة والأعمال لثلاثة أيام بما يزيد على خمسة مليارات دولار أميركي.