الجنود الهاربون يكشفون عمق أزمة الجيش العراقي
علاء يوسف-بغداد
وخصصت الوزارة معسكر "التاجي" لاستقبال الجنود العائدين لإلحاقهم بوحداتهم التي تجري إعادة تنظيمها.
وكان المتحدث باسم قائد الجيش العراقي قد عقد عدة مؤتمرات صحفية، لكنه لم يتطرق فيها إلى حجم الخسائر البشرية والمادية في صفوف الجيش، ولا أعداد الهاربين من وحداتهم.
غياب الأسس
ويرى الخبير الأمني عبد الرحيم المشهداني أن دعوة وزارة الدفاع تكشف عن هروب أعداد كبيرة من الخدمة.
وقال المشهداني للجزيرة نت، إن الجيش العراقي الحالي "ليس كسابقه في قوانينه وانضباطه"، مضيفا أن قانون الخدمة الإلزامية "كان له الدور الكبير في الحفاظ على المؤسسة العسكرية".
وأشار إلى أن الوقت الحالي "لا يوجد فيه ما يجعل الجندي ملتزما بأداء واجباته، لا سيما أن رغبته في الحصول على مورد شهري ثابت كانت دافعه الرئيسي للانضمام للجيش".
وأوضح أن بناء الجيش الحالي "استند على قاعدة خاطئة حيث دمج المليشيات في صفوف الجيش ومنح بعض عناصرها رتبا عسكرية عالية".
وبحسب المشهداني، فإن وزارة الدفاع أمامها شوط طويل ومهمة صعبة لإعادة تشكيل الجيش وتنشئته على عقيدة الدفاع عن الوطن، والابتعاد عن التأثيرات الحزبية والطائفية، خاصة بعد سيطرة تنظيم الدولة على بعض المدن العراقية.
وقال إن إعادة العمل بنظام الخدمة الإلزامية من شأنها أن تسهم في بناء الجيش على أسس وطنية، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي (بوصفه كان قائد أعلى للقوات المسلحة) يتحمل مسؤولية فشل المؤسسة العسكرية وعجزها عن حماية أراضي العراق في أول اختبار لها، رغم إنفاق مليارات الدولارات عليها.
لا عودة
وبدوره، رفض غسان جابر -وهو أحد الهاربين من الجيش- الاستجابة لدعوة وزارة الدفاع، وقال للجزيرة نت إن معظم منتسبي وحدته التي كانت تتمركز جنوب محافظة كركوك رفضوا العودة.
وتابع جابر "أنا شخصيا لست على استعداد للعودة، وتخليت عن الراتب الشهري البالغ 750 ألف دينار عراقي (أكثر من 600 دولار) ، مقابل الحفاظ على حياتي ومستقبل أبنائي".
وأكد أن زملاءه أيضا رفضوا العودة قائلا "لقد عشنا تجربة مريرة وبالكاد استطعنا النجاة من الموت المحقق".
تركة ثقيلة
أما الكاتب والمحلل السياسي علي حسين فيرى أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تسلم "تركة ثقيلة"، لافتا إلى أن اتفاقه مع القوى السياسية، والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية سيمكنه من إجراء إصلاحات داخل المؤسسة العسكرية ومعالجة الأخطاء السابقة.
وفي حديثه للجزيرة نت، أكد حسين على أهمية محاسبة القادة العسكرين المقصرين وإحالتهم إلى القضاء، مشددا على ضرورة الإسراع في حسم ملف وزارتي الدفاع والداخلية لتفادي الوقوع بأخطاء المالكي الذي تولى إدارة الوزارتين.
وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اتخذ عدة قرارات تندرج ضمن إصلاح المؤسسة العسكرية، ومنها حل مكتب القائد العام للقوات المسلحة وإحالة ضباط برتب عالية إلى التقاعد، وجاءت هذه الخطوات وسط توقعات بإصدار مزيد من القرارات لتطوير المؤسسة العسكرية ومعالجة الأخطاء السابقة.