هل يلغي اليمن مصلحة شؤون القبائل؟

فريق الحكم الرشيد بالحوار اقترح إلغاء مصلحة شؤون القبائل باليمن لأنها تنازل سلطة الدولة
undefined
مأرب الورد-صنعاء
 
يدور حاليا جدل في اليمن بشأن إمكانية إلغاء مصلحة شؤون القبائل التي تضم عشرات المشائخ وتحصل على ميزانية من الدولة في ظل عدم وجود إرادة سياسية شاملة للإصلاح المؤسسي والقانوني.
 
وقدم فريق الحكم الرشيد، وهو إحدى لجان مؤتمر الحوار الوطني الذي شكل بموجب المبادرة الخليجية عقب إزاحة الرئيس علي عبد الله صالح، مقترحا قانونياً بإلغاء المصلحة إلا أنه مقترحه ظهر كمن يحرث في البحر حيث عبر المشائخ أنفسهم عن رفضهم للفكرة ورأوها استهدافا انتقائيا لهم.
 
بينما يرى محللون أن النظام المؤقت بدوره لا يريد فتح جبهة مع المشائخ لحاجته لدعمهم على أكثر من صعيد.
 
وبالعودة إلى الوراء، تأسست مصلحة "شؤون القبائل" التي كانت وزارة تحمل نفس الاسم في ستينيات القرن الماضي لدعم القبائل المؤيدة لثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962 التي أطاحت بالحكم الإمامي, ثم ألغيت بقرار من الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي عام 1975 بحجة إعاقتها للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ومع وصول الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح لسدة الحكم, أعاد إحياءها بقوة مطلع الثمانينيات وأصبحت جهازاً لتوزيع أموال شهرية على عشرات المشائخ المسجلين في كشوفاتها, ولها فروع في المحافظات, رغم أنها لا تخضع لقانون ينظم شؤونها.

ويرى مراقبون أن النظام السابق استفاد من هذا الكيان القبلي لضمان ولاء القبائل اليمنية ودعم بقائه في الحكم, واستخدامه عند الأزمات الداخلية وخاصة في حروبه مع خصومه, ومن هنا استطاع تحييد المشائخ عن الانشغال فيه على حساب الدولة التي ضعفت هيبتها أمام حضور القبيلة.

‪عويض: الدعم المقدم للمصلحة عبثي ولا بد من إعادته لخزينة الدولة‬ (الجزيرة)
‪عويض: الدعم المقدم للمصلحة عبثي ولا بد من إعادته لخزينة الدولة‬ (الجزيرة)

منازعة الدولة
وفي هذا السياق, قال رئيس مجموعة سيادة القانون بفريق الحكم الرشيد, مختار بن عويض, إن مصلحة شؤون القبائل تعزز من سلطة القبيلة على حساب سلطة الدولة وسيادتها وتضع نفسها في موازاة القانون.

وأوضح، في حديث للجزيرة نت, أن الدعم المقدم لها عبثي ويعتبر من أوجه الصرف غير المشروعة ولا يحقق المصلحة الوطنية, ولابد من إلغائها وإعادة مخصصاتها للخزينة العامة.

وحول سؤاله عن البديل عنها, أكد أن النقاشات التي جرت بين الأعضاء لم تخلص إلى طرح أي بديل, لافتاً إلى أن هذا المقترح سيكون ضمن المخرجات النهائية لمؤتمر الحوار.

من جانبه, استبعد الكاتب والمحلل السياسي علي الجرادي إمكانية إلغاء المصلحة ما لم يكن في إطار مراجعة شاملة تعيد ترتيب أولويات الدولة على أساس إصلاح قانوني ومالي وإداري لا يستثني أي مؤسسة حكومية.
 
الجرادي: المقترح إيجابي, لكنه بحاجة لإرادة قوية تسلك طريق إعادة تبويب الموازنة العامة للدولة بما يؤدي إلى إعطاء مجالات النهوض فيها مثل الصحة والتعليم المخصصات الكافية
مراجعة شاملة
وقال الجرادي، في حديث للجزيرة نت، إن المقترح إيجابي, لكنه بحاجة لإرادة قوية تسلك طريق إعادة تبويب الموازنة العامة للدولة بما يؤدي إلى إعطاء مجالات النهوض فيها -مثل الصحة والتعليم- المخصصات الكافية.

وأشار إلى أن الميزانية المخصصة للمصلحة عبثية ولا حاجة للبلاد منها شأنها شأن الكثير من أوجه الصرف غير الضرورية مثل شراء السيارات سنوياً للوزراء بالأمر المباشر وبدون الاستناد لقانون المناقصات, واعتمادات القيادات العسكرية.

وعن شروط إلغاء المصلحة, أوضح المحلل السياسي أن الأمر يحتاج لتوجه حقيقي شامل لتجفيف منابع إهدار المال العام في غير مكانه حتى لا يفهم أن هذا استهداف لشريحة دون أخرى, ومن أجل أن يتقبلها الرأي العام ويدعم مثل هذه الخطوات المعززة لدولة المؤسسات.

انحياز للجمهور

بدوره, اعتبر  أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء عادل الشرجبي -والذي أعد دراسة حول هذا الموضوع- أن مقترح فريق الحكم الرشيد يعزز بناء دولة القانون ويجعلها منحازة أكثر لتقديم خدماتها للجمهور العام بدلاً من النخبة القبلية.

وقال الشرجبي في حديث للجزيرة نت إن الأمر يمثل اختباراً حقيقياً للمشائخ الذين ساندوا الثورة كي يتخلوا عن هذه الهبات وينحازوا لقيمها التي جاءت لإرساء العدل والمساواة بين الناس, مبيناً أن ميزانية المصلحة ثلاثة مليارات ريال سنوياً (حوالي 13.5 مليون دولار).

وأكد أن وظيفة الدولة تقديم الخدمات العامة لا الفردية وبالتالي يجب على المسؤولين الذين يديرونها أن يضعوا في الاعتبار مسألة تجفيف جيوب الفساد والصرفيات غير المستحقة وعديمة الفائدة.

وشدد أستاذ علم الاجتماع على أهمية أن يعي النظام الحالي أو القادم أن عهد الركون على المشائخ على حساب القانون قد ولى إلى غير رجعة، وأن الشباب لن يسمحوا بالبقاء خارج دائرة التأثير ولن يقبلوا باستمرار منازعة الدولة في سلطاتها تحت أي مبرر.

المصدر : الجزيرة

إعلان