هل تخرج العقوبات حزب الله من سوريا؟
مصطفى رزق-الجزيرة نت
شهدت الأيام القليلة الماضية عدة تحركات عبرت عن قلق عميق في العالم العربي، والغربي أيضا، من تدخل حزب الله اللبناني في الصراع الدائر في سوريا، كان أبرزها الإجراءات التي أعلن مجلس التعاون لدول الخليج العربية اتخاذها ضد المنتسبين للحزب.
كما شهد الأردن والكويت مظاهرات أمام السفارة اللبنانية والإيرانية، طالب بعضها بمقاطعة التجارة مع إيران، وذلك احتجاجا على الدعم الذي تقدمه طهران وحزب الله لنظام بشار الأسد في سوريا، وهو الدعم الذي أسفر -بحسب النشطاء- عن مجازر في القصير بريف حمص وسط تهديدات بتوسيع دائرة المشاركة.
غربيا، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أنها اتخذت عقوبات ضد أربعة لبنانيين يعيشون في غرب أفريقيا، اتهمتهم بمساعدة حزب الله على "بسط نفوذه في هذه المنطقة"، وقررت تجميد ممتلكاتهم لديها.
ولكن هل هذه الإجراءات والتحركات كفيلة بمنع الحزب من التدخل في سوريا؟ وما وسائل الضغط التي يمكن أن تمارسها الدول العربية لإجبار الحزب على التراجع؟ ولماذا لم تتخذ الدول الغربية قرارا حاسما بهذا الشأن؟
معركة وجود
المحلل السياسي اللبناني المقرب من حزب الله كامل وزنة وصف مصطلح المنتسبين لحزب الله الذي جاء في قرار مجلس التعاون الخليجي بأنه "تصنيف غير واقعي"، إلا إذا كان المقصود به الشيعة الموجودين في دول الخليج، بحسب قوله.
واعتبر في تصريحات للجزيرة نت أن هذا القرار "خطأ كبير" سيساهم في تأجيج الفتنة السنية الشيعية في المنطقة، وتأثيراته ستكون سلبية على مستوى العالم العربي والإسلامي، واتهم دول الخليج بأنها تحاول تبرير تدخلها في سوريا.
وحول المبررات التي أعلنها حزب الله لتدخله، قال وزنة إن دعم الحزب لقوات النظام في سوريا تأتي لحماية ظهره وإمداداته، كما أنه دخل المعركة في سوريا كمعركة وجود من ناحية، ومن ناحية أخرى فهي بمثابة "حرب استباقية" لمنع انتقال الصراع إلى لبنان.
وحول إمكانية تحقيق الحزب لتغيرات على الأرض في سوريا على غرار ما حدث في القصير، أكد وزنة أن كل الاحتمالات بهذا الشأن واردة، مشددا على أن الخطوات التي اتخذتها دول الخليج أو المظاهرات التي شهدتها دول عربية أخرى ضد التدخل في سوريا "لن تقدم أو تؤخر في القرار الإستراتيجي للحزب"، مؤكدا أنه باق في هذه المنطقة حتى تتحقق تسوية شاملة للملف السوري وانسحاب كل الأطراف غير السورية من هذه المعركة.
ذو حدين
في المقابل، اعتبر القيادي في تيار المستقبل سامر فتفت أن قرارات دول مجلس التعاون بشأن المنتسبين لحزب الله "سلاح ذو حدين"، لأنها ستؤثر بشكل سلبي على الشعب اللبناني ككل، ومن ناحية أخرى تدفع هذه الإجراءات الدولة اللبنانية لتحمل مسؤولياتها إزاء مجموعة مسلحة تقوم بقتل الشعب السوري.
حزب الله لن يتراجع عن تدخله في الصراع بسوريا وهو لا يهتم لانعكاسات قراراته على الواقع اللبناني، فهو ينفذ أجندة إيرانية دون البحث في مدى تأثيرها على عموم الشعب اللبناني |
وأوضح في تصريحات للجزيرة نت أن عودة اللبنانيين المرتبطين بحزب الله من دول الخليج إلى بلادهم سيمثل عبئا إضافيا على الاقتصاد اللبناني الذي يعاني بالفعل من مشاكل عديدة أبرزها البطالة.
واستبعد فتفت أن تؤثر القرارات والمظاهرات على قرار حزب الله التدخل في سوريا، مشيرا إلى أن الحزب لا يهتم بانعكاسات قراراته على الواقع اللبناني، فهو ينفذ "أجندة إيرانية" دون البحث بمدى تأثيرها على عموم الشعب اللبناني، بحسب قوله.
وشدد على أهمية أن يعقب القرارات الخليجية إجراءات أخرى قد تجعل الشارع اللبناني يضغط على الحزب في هذا الشأن، داعيا دول الخليج والدول العربية بشكل عام إلى إمداد الثوار في سوريا بالسلاح والعتاد، إضافة إلى ممارسة ضغوط على صناع القرار في أوروبا وأميركا للتعاطي بشكل أكثر جدية وإيجابية مع الصراع الدائر في سوريا منذ أكثر من عامين.
ورفض القيادي في تيار المستقبل المقارنة التي يطرحها بعض مؤيدي حزب الله بين موقف دول الخليج من اضطرابات البحرين وتدخل الحزب في سوريا، موضحا أن دول الخليج مرتبطة باتفاقية للتعاون والدفاع المشترك، لذلك كان تحركها تجاه أزمة البحرين مشروعا، لكن تدخل حزب الله في سوريا ليس له ما يبرره خاصة أنه لا يعبر عن موقف اللبنانيين ولا حتى موقف الشيعة في لبنان.
وحول موقف الغرب، أكد فتفت أن هذه الدول لا تراعي سوى مصلحتها، ولسنا لهم سوى سوق استهلاكية، ومن مصلحة الدول الغربية إطالة أمد الأزمة في سوريا لضمان ضعف سوريا ما بعد الأسد لمصلحة إسرائيل، ومن ناحية أخرى فإن إعادة الإعمار في النهاية تقوم بها شركات أوروبية وأميركية.
وتوقع عدم تحقيق الحزب أي تقدم على الأرض على غرار ما حدث في القصير بحمص، مشيرا إلى أن القصير لها وضع خاص نظرا لقربها من الحدود مع لبنان، أما في الداخل السوري فسيكون عناصر الحزب أكثر عرضة لمواجهات وكمائن من الجيش السوري الحر وقوات وكتائب المعارضة.