أزمة حزب الدستور المصري ودلالاتها
محمد حامد-القاهرة
لفت حزب الدستور الأنظار على الساحة المصرية خلال الأيام الماضية ليس بسبب تصريحات أو تغريدات لزعيمه محمد البرادعي، أو لفعاليات ينظمها ضمن توجهه المعارض للسلطة المصرية، وإنما بسبب أزمة توالت مظاهرها بداية من استقالة أحد أبرز قيادات الحزب ومرورا بإعلان عدد من شبابه الاعتصام بمقر الحزب احتجاجا على الطريقة التي يدار بها.
وتطلعت آمال قطاع من المصريين إلى هذا الحزب عندما تم تأسيسه العام الماضي بعدما ضم وجوها ثورية وشخصيات اشتهرت بمعارضتها لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي أطاحت به ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، فضلا عن زعامة البرادعي الذي كان مديرا عاما للوكالة الدولية للطاقة الذرية ويعتبره بعض المصريين أحد دعاة الديمقراطية.
مشكلات عدة
لكن الأمور داخل الحزب لم تسر -على ما يبدو- كما يأمل العديد من أنصاره، إذ شهدت الأسابيع الماضية ظهور العديد من المشكلات تركز معظمها على انتقادات لتأخر الحزب في إجراء انتخابات لتشكيل مستوياته القيادية، وارتفعت أصوات تستغرب من أن حزب البرادعي لا يطبق المبادئ الديمقراطية التي يدعو لها زعيمه باستمرار.
وجاءت استقالة القانوني الشهير حسام عيسى من الحزب لتلفت الأنظار بشدة خاصة أن الرجل كان يشغل موقعا رفيعا هو رئيس لجنة تسيير أعمال الحزب، وبالنظر إلى أن عيسى ألمح في بيان استقالته إلى عراقيل يضعها البعض أمام شباب الحزب، بل وصل الأمر إلى حديثه عما وصفها بـ"محاولات تزوير يسعى من خلالها البعض إلى ضمان البقاء الأبدي على مقاعد السلطة داخل الحزب".
وبدا أن الحزب قد يفقد قياديا بارزا آخر، حيث شهدت الساعات الماضية تهديد الأستاذ الجامعي أحمد دراج -وهو وكيل مؤسسي الحزب- بالاستقالة هو وزميله أحمد حرارة الذي اشتهر بعدما فقد عينه في أحداث الثورة، مشيرا إلى أن الحزب يدار بطريقة فاشلة.
وفي تصريحات للجزيرة نت قال دراج إن الحزب وصل إلى نقطة صعبة يجب ألا تمر بسهولة، متهما بعض قيادات الحزب بأنها تستهين بمطالب الشباب ومعتبرا أن لائحة الحزب تكرس الاستبداد عبر تعيين مندوبي الحزب وليس انتخابهم، فضلا عن اتهامه رئيس الحزب بأنه لا يبذل الجهد الكافي والجاد لحل الأزمة.
تهميش الشباب
وبين استقالة عيسى وتهديد دراج، خطف شباب الدستور الأنظار عندما اقتحم عدد منهم المقر الرئيسي للحزب وأعلنوا اعتصامهم رفضا لما وصفوها بـ"محاولات بعض قيادات الحزب السيطرة عليه"، وقال الشباب إن لديهم خريطة طريق لإدارة الحزب ونقله إلى الطريق الصحيح كي يكون حزبا ديمقراطيا وفاعلا.
وفي تحليله للأزمة التي يمر بها حزب الدستور، قال المحلل السياسي د. يسري العزباوي للجزيرة نت إنها تشير إلى أن الحزب ومعه كل الأحزاب التي تعج بها الساحة المصرية لم تنجح في استيعاب الشباب الذي قام بالثورة، كما أنها لم تنجح في التعبير عن كل مطالب الثورة وفي مقدمتها الحرية والديمقراطية.
وأضاف العزباوي أن ما يشهده حزب الدستور يؤكد أيضا ضعف بنيته السياسية، ويرجع ذلك إلى أنه تمحور بالأساس حول شخصية البرادعي الذي اتضح أنه لم يستطع استيعاب الشباب وهمّش مطالبهم، مضيفا أنه لا يستغرب مثل هذه الأزمات في حزب تمحور حول أشخاص أكثر من تمحوره حول أفكار.
ويعتقد العزباوي أن أزمة حزب الدستور تشير بوضوح إلى مشكلة كبيرة تشهدها مصر وهي أن كثيرا ممن ينادون بالديمقراطية لا يمارسونها بشكل حقيقي، كما تشير إلى أن الحياة الحزبية لم تتحسن كثيرا عقب الثورة مقارنة بما قبلها حيث ما زالت الأحزاب تشهد سيطرة نخب أو عائلات، كما أن المناصب القيادية ما زالت حكرا على المسنين الذين لا يفسحون الفرصة للشباب إلا عبر تصريحات جوفاء.