تخريب الكهرباء باليمن.. ورقة في الصراع السياسي
عبده عايش-صنعاء
رغم الامتعاض الشعبي من تكرار انقطاع الكهرباء باليمن جراء أعمال التخريب، يبدو أن أحمد الحمّادي، العامل بأحد المخابز في العاصمة صنعاء، أكثر مثابرة في عمله، فرغيف الخبز يحتاجه الجميع، ويضيف أن انقطاع الكهرباء "لا يعني توقف الحياة" طالما توفرت البدائل.
فثمة اعتقاد سائد في الشارع اليمني بأن تخريب شبكة الكهرباء ورقة في لعبة الصراع السياسي الدائر في البلاد.
وتحدث الحمّادي للجزيرة نت عن الاستياء الشديد بين زبائن المخبز من انقطاع الكهرباء المستمر، وما يتكبدونه من معاناة وخسائر جراء ذلك، حيث يعتمدون في توليد التيار الكهربائي على مولدات بعضها يعمل بمادة الديزل والأخرى تعمل بالبنزين.
ويشير إلى تعطل آلات عجن وتقطيع أرغفة الخبز بسبب انقطاع الكهرباء، في حين أن المولدات لا تقدر على تشغيلها، ورغم هذه الصعوبات يؤكد أن العمل لا يتوقف في المخبز.
وما يزيد الطين بلة -كما يرى زملاء الحمّادي العاملون بالمخبز- إغلاق محطات الوقود بسبب استهداف أنابيب النفط في مأرب أو قطع الطريق أمام شاحنات نقل الوقود في المناطق القبلية، وما تسببه تلك الأعمال في حدوث أزمة الوقود وتفاقم معاناة الناس من انقطاع الكهرباء.
هاجس يومي
ويؤكد أكرم الكميم وزميله فهيم الصلوي، العاملان في محطة "عالم المياه"، أنهما يعتمدان في تشغيل المحطة على المولدات الكهربائية، ويتحملان عبئا ماليا في شراء الوقود.
ويبقى انقطاع التيار الكهربائي في اليمن نتيجة لأعمال التخريب التي تشمل أبراج وخطوط الشبكة، هاجسا يوميا للمواطن اليمني، وبينما تغرق العاصمة صنعاء وبقية المدن في ظلام دامس لساعات طويلة، يُظهر مخربو الكهرباء إصرارا كبيرا وتحديا للحكومة ولتهديداتها ضدهم.
وبرزت أعمال التخريب لشبكة الكهرباء وتفجير أنابيب النفط منذ العام 2011 الذي شهد ثورة شعبية أطاحت بالرئيس السابق علي عبد الله صالح وتوجّه الاتهامات لعناصر قبلية موالية لنظام صالح باستهداف الكهرباء.
ويتداول الشارع اليمني اتهامات لأتباع النظام السابق بالوقوف وراء أعمال تخريب الكهرباء، وما يسببه ذلك من الإضرار بمصالح ملايين الناس، وخصوصا في المناطق الساحلية التي ترتفع فيها درجة الحرارة.
ولكن هناك من يقول إن الحكومة متساهلة مع مخربي الكهرباء، ويطالبونها بملاحقة المخربين وإلقاء القبض عليهم، وتقديمهم للمحاسبة.
حرب بمأرب
المدير العام للإعلام بوزارة الكهرباء صادق الروحاني يرى أن ما تتعرض له الكهرباء من تخريب متواصل هدفه بث رسالة سلبية بين المواطنين تجاه الثورة التي أطاحت بحكم صالح، مفادها أن التغيير لم يجلب للشعب إلا الخراب والدمار.
وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن من يقومون بالتخريب هم من أتباع النظام السابق، واعتبر أن هدفهم هو عرقلة مسيرة التغيير وإفشال الحوار الوطني.
وبشأن عجز الحكومة عن وضع حد لأعمال التخريب، قال الروحاني إن الحكومة قادرة على مواجهة المخربين، ولكنها تخشى فتح حرب مع المخربين في محافظة مأرب، فانفجار الوضع هناك يعني الانهيار الكبير للبلاد وخنقها اقتصاديا.
واعتبر أن حالة الضعف التي تمر بها الدولة بسبب "أحداث الثورة وانقسام الجيش، وما صاحبها من مواجهات عسكرية بالعاصمة صنعاء ومناطق أخرى، إلى جانب تقديم الحصانة لصالح وأعوانه"، شجع على ممارسة أعمال التخريب، خصوصا في ظل "المرحلة الانتقالية التوافقية".