عبد الله واد.. ترك المنصب ليحتل الذاكرة
سيدي ولد عبد المالك – دكار
رغم خروجه من المشهد السياسي إثر هزيمته في الانتخابات الرئاسية التي جرت في مارس/آذار 2012 لا يزال الرئيس السنغالي السابق عبد الله واد يشغل الشارع السنغالي، على الرغم من أنه اختار البعد والإقامة في فرنسا لينأى بنفسه عن الأحداث السياسية المحلية.
ولا يفوت أنصار واد أية مظاهرة سياسية للمعارضة الحالية دون رفع صوره وتمجيد مسيرته السياسية التي امتدت أكثر من خمسة عقود من الزمن. ويرجع مراقبون هذا الأمر إلى الكاريزما التي يتمتع بها واد، والبصمة التي تركتها على المشهد السياسي السنغالي الذي عايشه أمدا طويلا معارضا بارزا ثم رئيسا للبلاد.
فراغ سياسي
ويرى مختار جوب الأستاذ في مركز دراسات علوم الإعلام بدكار أن عبد الله واد "ترك فراغا سياسيا كبيرا داخل المشهد السياسي يصعب ملؤه في المنظور القريب"، مشيرا إلى أن "ضعف أداء قادة المعارضة الحاليين عموما وقيادة الحزب الديمقراطي السنغالي الذي أسسه واد في سبعينيات القرن الماضي بوجه خاص يعتبر من الأسباب الرئيسية لتعلق الكثير من أنصار المعارضة بالرجل".
ويُلفت في حديثه للجزيرة نت إلى أن الرمزية السياسية لواد الذي قضى معظم حياته السياسية معارضا للأحادية الحزبية والهيمنة الفردية على السلطة تعتبر من أبرز الأسباب المغذية للحديث عنه في الأوساط السياسية والشعبية.
و يضيف جوب "خصائص القيادة التي كانت تجتمع في واد مثل الكفاءة السياسية والعمق في الرؤية وقدرته على التواصل مع الجماهير، أمور أخرى تجعل من الصعب أن يدخل الرجل طي النسيان بسهولة".
ويرى جوب أن عبد الله واد "استطاع أن يخلق للسنغال مكانة إقليمية ودولية معتبرة بدوره في إنجاح العديد من الوساطات والنزاعات الإقليمية والدولية، وذلك رغم حصيلة السنوات الأخيرة من حكمه، التي طبعها استشراء الفساد في مفاصل السلطة، وإهمال معاناة المواطنين على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي".
دوافع الشعبية
أما بنتا فاي المناصرة لواد منذ ثلاثة عقود من الزمن، فتقول إنها تنتمي لجيل من غير المتعلمين الذين اكتسبوا وعيا سياسيا وثقافة مدينة بفضل المدرسة السياسية لعبد الله واد الذي ترى فيه زعيما وصل السلطة "قادما من معاناة رحم الشعب". وتضيف "النضال السياسي لواد في العقود الثلاثة الأخيرة كان له دور مهم في إحياء وترسيخ قيم الديمقراطية بالسنغال".
ويتفق سائق التاكسي مامودو بالدي مع بنتا في تقييمها لتاريخ واد في المعارضة، إلا أنه يُرجع أصداء الحديث عن واد في المشهد السياسي الحالي إلى "فشله في إدارة السلطة بطريقة تختلف جذريا عن الطرق التي أدار بها رؤساء غير ديمقراطيين السلطة بأفريقيا".
ويمضي بالدي إلى ما هو أبعد من ذلك متهما عبد الله واد بـ"محاولة اختطاف التجربة الديمقراطية السنغالية، وذلك بإصراره على الترشح لولاية ثالثة رغم تعارض هذا الأمر مع الدستور السنغالي".
يذكر أن عبد الله واد انتخب لأول مرة عام 2000 لولاية مدتها سبع سنوات، وأعيد انتخابه لولاية ثانية عام 2007 لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وذلك استنادا إلى تعديل دستوري أجري عام 2001.