فتوى "جمعة" تغضب المصريين
عمر الزواوي-القاهرة
أثارت فتوى عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف ومفتي مصر السابق الدكتور علي جمعة، التي أجاز فيها لجنود وضباط الشرطة والجيش قتل المتظاهرين من أنصار الشرعية ورافضي الانقلاب، ردود فعل غاضبة في الشارع المصري.
ولم يقتصر الغضب على معارضي الانقلاب العسكري، بل امتد لمؤيديه الذين رفضوا بشكل قاطع تلك الفتوى، مؤكدين على حرمة الدم المصري. في حين رأى معارضو الانقلاب أن جمعة أصبح أداة طيّعة في أيدي قادة الانقلاب لتبرير ما يقومون به ضد المتظاهرين.
وتداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لجمعة يطالب فيها جنود وضباط الشرطة والجيش بقتل المتظاهرين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين بحجة أنهم "خوارج"، وجاءت هذه الدعوة خلال كلمة وجهها لجمع من ضباط الشرطة والجيش.
ورغم نفيه مرات عديدة إصدار فتوى بقتل المتظاهرين السلميين، فإن جمعة يصر على أن سلوكيات الإخوان المسلمين وتصرفاتهم تدل على أنهم "خوارج هذا العصر" وأن كتاب الله وتعاليم الإسلام لا تتجاوز حناجرهم.
حرمة الدم
وكانت دار الإفتاء المصرية قد أصدرت بيانا قبل 30 يونيو/حزيران الماضي بعدم الالتفات إلى الفتاوى الشاذة التي طالبت بقتل المتظاهرين يوم 30 يونيو/حزيران، وأنه من الخطأ أن تطلق على تلك الآراء الشاذة لفظ "فتوى" لأنها لا تلتزم بالمنهجية العملية للفتوى الشرعية.
ويرى الشيخ مختار عودة أحد علماء الأزهر الشريف أن تلك الفتوى لا يوجد لها سند شرعي، حيث إن استناد المفتي السابق إلى كون المتظاهرين من الإخوان المسلمين هم من الخوارج ليس صحيحا.
ويرى عودة أن "منهج الإخوان المعلن في أدبياتهم لا يوجد به ما يدل على ذلك، كما لم تعلن الجماعة تبنيها للعنف أو القتل، بل هي دائما تؤكد على السلمية، ومن ثم تخرج من تلك الدائرة التي أرادها الدكتور علي جمعة".
ويؤكد في حديث للجزيرة نت أن "حالات إهدار الدم في الإسلام مقيدة وليست مطلقة، حتى لا تشيع المفسدة في الأرض، فلا يحكم بالقتل إلا على المرتد عن دينه المفارق للجماعة والفار من الزحف ومن يتهم بالخيانة العظمى للوطن والدين، كأن يتخابر مع الأعداء ضد الإسلام والنفس بالنفس في حالات القصاص".
ويضيف عودة أن حرمة الدم في الإسلام شاملة ولا تقتصر على المسلمين فحسب، بل إن الإسلام حرم قتل الذمي أو المعاهد ما لم يظهر العداء للدين وما لم يرفع السلاح.
القتل مرفوض
ويرفض مؤيدو الانقلاب العسكري فتوى قتل المتظاهرين من الإخوان. فرغم إقرارهم بأن ما حدث في الثالث من يوليو/تموز الماضي هو ثورة وليس انقلابا، فإنهم يرفضون إطلاق فتاوى قتل المتظاهرين التي يمكن أن تؤدي إلى حرب أهلية، حسب ما أكد بعضهم للجزيرة نت.
ويقول محمد إبراهيم (22 عاما) خريج كلية الإعلام جامعة القاهرة "كنت من مؤيدي ثورة 30 يونيو/حزيران التي عزلت الرئيس مرسي لأنني كنت منتقدا بشدة لسياساته، ولكن مع حدوث عمليات قتل كثيرة في فض اعتصامي رابعة والنهضة وما بعدها أصبحت من أشد معارضي استخدام القتل لفض المظاهرات".
ويضيف إبراهيم للجزيرة نت أن "استمرار فتاوى القتل على غرار ما يفعل الشيخ علي جمعة يمكن أن يجر البلاد إلى حرب أهلية، خاصة إذا استمر استهداف المتظاهرين السلميين بالقناصة خلال المظاهرات كما يحدث منذ فترة".
وترى سمر محمد (30 عاما) موظفة بإحدى شركات القطاع الخاص، أن فتوى جمعة لا تلقى قبولا منها رغم عدم إلمامها بالأمور الفقهية، إلا أنها تشعر أن تلك الفتوى مسيسة ولا تمت للدين بصلة.
وتضيف سمر للجزيرة نت "كيف أقبل قتل الشرطة لمتظاهرين سلميين لا يرفعون سلاحا ودائما يصرون على السلمية. ورغم اختلافي مع الإخوان وتأييدي لما حدث في الثالث من يوليو/تموز فإنني أرفض هذه الفتوى جملة وتفصيلا".
ولا تلقى الفتوى قبولا حتى لدى الفئات ذات الثقافة المحدودة بالشعب المصري إذ تتنافى مع ما رسخ في وجدان المصريين من حرمة قتل المصريين أي كانت انتماءاتهم.
صبري جمعة (29 عاما) عامل يرى أن "هذه الفتوى تضر أكثر مما تنفع، فمصر في حاجة لكل أبنائها بمن فيهم الإخوان المسلمون، فهم جزء من الدولة، لذلك فإن فتوى جواز قتلهم تضر بالمجتمع وتجعل البلاد في حالة تناحر مستمر".
ويضيف جمعة للجزيرة نت أنه يؤيد السيسي وضد الإخوان، لكن لا يعني ذلك أنه يقبل قتلهم أو حتى اعتقالهم فهم مصريون لهم كافة الحقوق.