ملك الأردن يوقف قرار رفع الأسعار
محمد النجار-عمان
أوعز الملك الأردني عبد الله الثاني لحكومة فايز الطراونة بتجميد قرار رفع أسعار المشتقات النفطية، بعد احتجاجات شعبية لافتة وتحذيرات سياسيين من اتساعها.
ويقضي قرار الملك بوقف قرار رفع الأسعار بعد مرور 48 ساعة على بدء تطبيقه فقط، بعد أن قررت الحكومة رفع سعر البنزين نوع أوكتان 90 بنسبة 7% والسولار بنسبة 10%.
واعتبر سياسيون قرار الملك "متوقعا" بعد أن تصاعدت حدة الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها العاصمة عمان ومدن أردنية في الجنوب والشمال، وشهدت هتافات قاسية طالت الملك مباشرة، وطالبت بإقالة حكومة فايز الطراونة ومكافحة الفساد كطريق لمعالجة العجز في الموازنة الذي تذرعت الحكومة به لتبرير قرار الزيادة.
وكان 88 نائبا في البرلمان من أصل 120 وقعوا على مذكرة طالبت العاهل الأردني بإقالة حكومة الطراونة ووقف قرار رفع الأسعار، بعد توتر ساد جلسة البرلمان مساء اليوم الأربعاء، بسبب رفض رئيس المجلس عبد الكريم الدغمي السماح بمناقشة قرار رفع الأسعار بحجة عدم إدراجه على جدول الأعمال.
واضطر الدغمي لرفع الجلسة بعد أن تعالت أصوات برلمانية تنادي بإسقاط الحكومة، فقام نواب بالتجمع أمام قبة البرلمان، وهتف عدد منهم قائلين "الشعب يريد إسقاط الحكومة".
تخريجة
لكن سياسيا أردنيا بارزا ووزيرا سابقا -فضل عدم ذكر اسمه- وصف للجزيرة نت موقف النواب بأنه بمثابة "تخريجة" لقرار التراجع عن رفع الأسعار.
وقال إن هناك نوابا غاضبين فعلا واستجابوا لغضب قواعدهم، لكن الغالبية من النواب هي من المحسوبين على الموالاة للحكومة، متهما جهات رسمية بدفع النواب لموقفهم الذي ظهر اليوم تمهيدا لقرار التراجع عن رفع الأسعار.
وشرح السياسي الأردني ما جرى بأن جهات في الدولة أرادت إظهار القرار على أنه استجابة للنواب، وليس للمسيرات والاعتصامات التي نظمت أكبرها جماعة الإخوان المسلمين. واعتبر السياسي أن الدولة أرادت من سرعة التراجع عن القرار الحد من آثاره السلبية على التسجيل للانتخابات التي تعمل المعارضة على إقناع الشارع بمقاطعتها.
وكان المئات من سائقي سيارات التاكسي العمومي في العاصمة الأردنية عمان نفذوا ظهر الأحد إضرابا عن العمل احتجاجا على قرار رفع أسعار البنزين. وأغلقت المئات من سيارات التاكسي التي يميزها اللون الأصفر إحدى الطرق الحيوية في العاصمة الأردنية في منطقة وادي صقرة، في خطوة احتجاجية غير مسبوقة في المملكة.
إضراب ودعوات
وتزامن الإضراب مع توقف العشرات من سائقي السيارات العمومية عن العمل احتجاجا على القرار الذي اعتبروه ضارا بقطاع النقل وبالمواطن الذي يقنن استعماله لهذه الوسائل عند كل موجة رفع للأسعار.
وحاولت قوات الأمن ثني السائقين عن إضرابهم الذي استمر ساعات بذريعة رفض إغلاق الشوارع الرئيسية، لكن السائقين أكدوا أن إضرابهم لم يؤثر على حركة السير داخل العاصمة.
وكانت دعوات تصاعدت عبر المواقع الإلكترونية والاجتماعية للتحضير لإضراب عام في الأردن، احتجاجا على قرارات الحكومة التي أدت إلى موجة احتجاجات اعتبرت لافتة في نظر المراقبين.
وكانت منطقة المقابلين جنوب عمان شهدت أعمال شغب محدودة بعد أن قام محتجون بإغلاق الشارع الرئيسي هناك بالإطارات المشتعلة والحجارة، قبل أن تتمكن قوات الأمن من إزالتها.
كما شهدت مدن معان والطفيلة والكرك وإربد وعجلون والعقبة وقفات احتجاجية حمّلت العاهل الأردني مباشرة مسؤولية رفع الأسعار. وكانت الحكومة قالت -على لسان رئيسها- إن رفع الأسعار أمر لم تكن تتمناه، وإن ما دعا إليه هو العجز المتفاقم في عجز الموازنة.
ونقل قياديون في حزب الوسط الإسلامي التقوا رئيس الحكومة السبت عن رئيس الوزراء تأكيده أن الحكومة اتخذت القرارات الأخيرة خوفا من تهديد استقرار الدينار الأردني.
لكن خبراء اقتصاديون قالوا إن قرارات الرفع جاءت استجابة لاشتراطات صندوق النقد الدولي الذي وافق على منح الأردن قرضا بقيمة ملياريْ دولار مقابل وقف سياسات الدعم للسلع والخدمات الأساسية بحلول عام 2014، وهو ما يشي بموجات رفع أسعار قد تؤدي لتفاقم الأوضاع المعيشية في الأردن الذي يعاني من أزمة سياسية عمقت آثارَها الأزماتُ الاقتصادية التي تعيشها البلاد.