دول الميدان لا تستبعد الحل العسكري بمالي


أمين محمد-نواكشوط
لوحت دول الميدان (الجزائر وموريتانيا والنيجر) باللجوء إلى خيار الحسم العسكري لحل الأزمة في الشمال المالي إذا لم تستجب الجماعات المسيطرة على الأوضاع في شمال مالي للحوار وتقبل إعادة الأمور إلى ما كانت عليه.
جاء ذلك في ختام اجتماع طارئ عقده وزراء خارجية هذه الدول في العاصمة الموريتانية نواكشوط بدعوة من الحكومة الموريتانية لبحث الأوضاع المتوترة في مالي على خلفية طرد الجيش المالي من مناطق الشمال وإعلان دولة أزوادية هناك بعيد الانقلاب الذي وضع حدا لحكم الرئيس المخلوع آمادو توماني توري.
وقال وزير الخارجية الموريتاني حمادي ولد حمادي ردا على سؤال للجزيرة نت إنهم في دول الميدان يفضلون الحلول السلمية ولكنهم لا يستبعدون الخيار العسكري بشكل نهائي إذا لم تجد المساعي السلمية لحل واضح، مشيرا إلى أن كل الخيارات مفتوحة بما فيها التدخل العسكري.
ودعا البيان الختامي لوزراء خارجية دول الميدان لجنة قيادة العمليات المشتركة، وجهاز التنسيق والمخابرات إلى اجتماع عاجل لتقييم الوضع في الشمال المالي والتعامل معه بما يلزم من إجراءات وخطوات.
وضع متدهور
من جانبه قال وزير خارجية النيجر محمد بازوم إن هناك تدهورا خطيرا في تلك المنطقة نتيجة لوجود تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي حيث لم تعد القاعدة تحصر نفسها في الجبال والأحراش، بل أصبحت تسيطر على المدن الكبرى في الشمال المالي.
وأضاف بازوم إن دول الميدان لن تبقى مكتوفة الأيدي تجاه تلك الوضعية الخطيرة، وإنما ستتصرف طبقا لما يمليه الموقف من ضرورات، مشيرا إلى أنهم اتفقوا على تفضيل الخيار السلمي والتفاوضي في الوقت الحالي، ولكنهم مع ذلك سيتجهون نحو الخيار العسكري إذا لم يتم التعامل بشكل إيجابي من طرف المسيطرين حاليا على الأقاليم الشمالية لمالي مع هذه الدعوة.

ونوه إلى المواقف الإقليمية والدولية وبشكل خاص موقف المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا التي هددت باستخدام القوة في مالي، محذرا من أن ضعف الدولة المالية وسيطرة هذه المجموعات على الوضع بالشمال ستكون له تبعات أمنية خطيرة على استقرار المنطقة برمتها.
وندد البيان الختامي للاجتماع بالانقلاب في مالي وبإعلان استقلال إقليم أزواد من جانب واحد، وطالب جميع الأطراف بالدخول في حوار جاد لحل كل المشاكل، كما دعا إلى الإسراع في تنفيذ متطلبات مرحلة انتقالية هادئة وموسعة, وأعلن عن استعداد دول الميدان لمرافقة الأطراف المالية خلال تلك المرحلة.
يذكر أن اجتماع نواكشوط جاء بعد سيطرة المقاتلين الطوارق وجماعات سلفية على زمام الأمور في شمال مالي، وإعلان الحركة الوطنية لتحرير أزواد قيام دولة أزواد الجديدة.
وفي مستهل الاجتماع، الذي أقصيت منه مالي بسبب الأوضاع فيها، دعت النيجر إلى التدخل العسكري في شمال مالي لإعادة الأمور إلى نصابها إذا رفضت المجموعات التي تسيطر على الإقليم الانسحاب.
وشدد وزير خارجية النيجر محمد باعزوم على ضرورة وضع حد لـ"اختطاف" شمال مالي من قبل المجموعات التي تسيطر على الإقليم، مشيرا إلى أن ما سماه تطهير الإقليم وتغيير موازين القوى على الأرض يجب أن يتم قبل إجراء المفاوضات من أجل إعادة السيطرة الدولة المالية على ترابها، تمهيدا لإقامة حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات رئاسية.
ورأى المسؤول النيجري أن هناك ترابطا واضحا بين الحركة الوطنية لتحرير أزواد التي أعلنت استقلال شمال مالي وبين ما سماه المجموعات الإرهابية الناشطة في الإقليم، مشيرا إلى أن هذه الجماعات تحصل على السلاح من المصادر نفسها، وتسعى إلى تحقيق الهدف ذاته وهو زعزعة الاستقرار في المنطقة وتحويل منطقة الصحراء إلى منطقة حرة لـ"الإرهاب" وتجارة المخدرات.
وحول جدية الدعوة النيجرية إلى التدخل العسكري واحتمال أن يؤدي ذلك إلى مزيد من تعقيد الأمور على الأرض، قال باعزوم -للجزيرة نت- إن العكس هو المطروح، فالتدخل العسكري في نظره سيؤدي إلى حسم واضح للموقف ويعيد الأمور إلى نصابها، وفق تعبيره.

حل سياسي
من جانبها، طالبت الجزائر بالبحث عن حل سياسي جذري وعميق ينهي الأزمة القائمة، فيما بدا تباينا أوليا في المواقف تجاه الأوضاع المتوترة بالشمال المالي.
وقال الوزير المنتدب للخارجية الجزائري عبد القادر امساهل إن الوضع في مالي خطير ومحاط بعدة مخاطر من أهمها الأزمة السياسية القائمة الناجمة عن ضعف الدولة في مالي، والخطابات الانفصالية في الشمال، وانتشار "الإرهاب" والجريمة المنظمة العابرة للقارات في الصحراء المالية، فضلا عن تدهور الوضع الغذائي لسكان تلك الأقاليم.
وأشار امساهل في كلمته إلى أن ما يحدث حاليا في مالي هو نتيجة مباشرة لتداعيات الأزمة في ليبيا، حيث نتج عنها سهولة الوصول إلى السلاح، وعدم القدرة على التحكم في حركة البشر والسلاح بالمنطقة.
أما وزير الخارجية الموريتاني حمادي ولد حمادي فاكتفى بتأكيد التزام بلاده المطلق بوحدة دولة مالي وسيادتها وصيانة حدودها الترابية.
ودعا المسؤول الموريتاني المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته كاملة تجاه الحفاظ على السلم المدني والأمن والاستقرار في جمهورية مالي ومنطقة الساحل برمتها.
ورحب حمادي بالاتفاق الموقع بين انقلابيي مالي والمجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا، وطالب بالإسراع في التطبيق الفوري غير المشروط لهذا الاتفاق، حتى يفضي إلى مرحلة انتقالية هادئة وجامعة تخرج منها مالي بنظام حكم مركزي شرعي جدير بضمان عودة الأمن والسلم المدني والاستقرار لربوع مالي، حسب تعبيره.