تراجع الفصحى في الجامعات الفلسطينية


أحمد فياض-غزة
يلمس المدقق في إجابات طلبة الجامعات بمستوياتهم العلمية المختلفة، مدى تردي المستوى العام لإجاباتهم، حيث لا تسعفهم لغتهم في الإفصاح عن أفكارهم, فجملهم تبدو متقطعة وعباراتهم متعثرة وصياغتها ركيكة مهلهة غير مستندة إلى قواعد النحو والصرف.
وتشير ظاهرة تدني تحصيل الطلبة الجامعيين للغة العربية إلى طبيعة الأزمة التي تعصف بالفصحى في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي تتطلب تحركا فاعلا للحد من خطر تراجعها.
ويعود تراجع مستوى تحصيل الطلبة الجامعيين في اللغة العربية -بحسب مختصين في مجال اللغة العربية- إلى جملة من الأسباب، يقف على رأسها معلم اللغة العربية في المدرسة الذي يعوزه التأهيل التربوي اللازم للارتقاء بمستواه اللغوي.

ويؤكد أستاذ النحو والصرف في الجامعة الإسلامية بغزة الدكتور جهاد العرجا أن ضعف الطلبة الجامعيين في اللغة العربية نتاج افتقار المدارس إلى معلمي اللغة الأكفاء.
ودعا العرجا في حديثه للجزيرة نت إلى إعادة النظر في خطط إعداد المعلمين وعلى الأخص معلمي المرحلة الابتدائية والمتوسطة وتحسين أحوالهم المادية والأدبية، وإعادة النظر في مناهج اللغة العربية بحيث يكون الاهتمام منصباً على تكوين المهارات اللغوية الأساسية.
ويتفق رئيس هيئة الاعتماد والجودة في وزارة التربية والتعليم الدكتور موسى أبو دقة مع سابقه في تشخيصه لسبب تدني مستوى تحصيل اللغة العربية في الجامعات، مؤكداً أن الضعف نتاج سوء تعليم اللغة في المراحل المدرسية التعليمية الثلاث التي تسبق الجامعة.
وأوضح أن ضعف الطلبة الجامعيين في اللغة العربية يبرز في كتاباتهم وقراءاتهم، مشيراً إلى أن القليل من طلبة الجامعات الفلسطينية يتقنون اللغة العربية إتقانا كاملا.
وأرجع المسؤول بوزارة التربية والتعليم الانحدار في مستوى اللغة العربية إلى جملة أخرى من الأسباب، من بينها: إهمال تعلم اللغة العربية، والاهتمام بالوسائل التقنية المعاصرة دون توظيفها في خدمة تعلم اللغة العربية وتقويتها.
وانتقد أبو دقة أيضاً آلية تلقين اللغة العربية بالطرق التقليدية التي يرغم خلالها الطالب على تعلم اللغة دون حبها، مشدداً على أن عجز مدرسي اللغة على "مسرحة" مادة النحو وتحويل العربية من حالة نظرية إلى حالة عملية إبداعية، انعكس سلباً على عملية تعليمها.

الحل
وذكر للجزيرة نت أن مستوى تردي تحصيل اللغة العربية بات ملموساً في السنوات العشرين الأخيرة بفعل ثورة الإنتاج الإعلامي والتلفزيوني التي يتلقى الطالب منها معلوماته بالعربية العامية، وهو ما ساهم في ابتعاد الأجيال عن أمهات الكتب والأدب والشعر التي تزخر بالكثير من المعاني اللغوية الفصحى.
ودعا أبو دقة إلى عقد ورش عمل ومؤتمرات علمية لدراسة تدني مستويات اللغة العربية والأخذ بتوصياتها وإنزالها إلى حيز التطبيق، والاهتمام بالمدرسين والموجهين والمدرسة.
وأضاف أن إدارة المجمع تواصلت مع السلطة السياسية والهيئات والمؤسسات الرسمية المسؤولة عن الثقافة والتربية التعليم من أجل مساعدته على تعميم الفصحى في المدرسة والشارع والجامعة.
وعبر أبو علي -وهو أستاذ الأدب والنقد في الجامعة الإسلامية بغزة- عن انزعاجه لسماعه أساتذة النحو والصرف في الجامعة يدرّسون هذه المادة -"وهي مخ اللغة العربية"- باللهجة العامية، مشيراً إلى أن هذا الحال تجسيد لما وصلت إليه الظاهرة.
وحذر أبو علي في حديثه للجزيرة نت من غياب قادة الفكر عن الساحة الفلسطينية، مشيراً إلى أنه لم يعد لوزراء التربية والتعليم أو رؤساء الجامعات دور في فرض العربية الفصحى على الأساتذة والمحاضرين.