خلافات بحزبين داخل الائتلاف الحاكم بتونس


وتعرض حزب "التكتّل" الذي يقوده رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر، لموجة من الاستقالات الجماعية، بعد تشكيل الحكومة وإثر انتخابات 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011.
ويقول خميس قسيلة عضو المكتب السياسي المستقيل من "التكتّل" للجزيرة نت إنّ "المئات من مناضلي الحزب استقالوا بعد صدمة حصلت لهم وللناخبين نتيجة حياد الحزب عن مبادئه السياسية".
وانتقد أنصار لحزب "التكتل" تحالفه مع حركة النهضة. لكن قسيلة اعتبر أنّ هذا التحالف "مقبول"، غير أنه أعاب على حزبه "تبعيته" لحركة النهضة التي فازت بأغلب المقاعد بالمجلس التأسيسي.
ويرى قسيلة أنّ "الاهتزاز" الذي شهده "التكتل" و"المؤتمر" سيؤثر على الائتلاف الحاكم، قائلا للجزيرة نت "الانقسامات تضعف التحالف وهذا سيؤثر على أداء الحكومة".
كما أكد أنّ الخلافات الداخلية بهذين الحزبين "ستفتح الباب أمام المعارضة للاستفادة منها بما يخدم البلاد"، مذكرا ببروز تحالفات وتكتلات جديدة داخل المعارضة.
وبدوره، يعيش "المؤتمر" -الذي كان يتزعمه منصف المرزوقي رئيس الجمهورية- خلافات داخلية بعد أن جمّد 11 نائبا نشاطهم في الحزب وفي كتلته النيابية بالمجلس التأسيسي، بسبب إقالة الأمين العام للحزب عبد الرؤوف العيادي بطريقة "غير قانونية".
ويقول ضمير المناعي -عضو المكتب التنفيذي لحزب "المؤتمر" وأحد النواب الذين جمدوا نشاطهم بالحزب- "أعضاء المكتب السياسي للحزب المنصبين بالحكومة والرئاسة تصرفوا بطريقة منفردة ولم يشركوا أحدا في اتخاذ القرار".
وأكد للجزيرة نت أنّ الحزب يعيش فراغا سياسيا على مستوى القيادة، قائلا "لقد تمّ سحب الثقة من الأمين العام لأنه طالب أعضاء المكتب السياسي بالتفرغ لمناصبهم بالحكومة أو التفرغ لإدارة الحزب".
وعن تأثير هذه الخلافات على الائتلاف الحاكم، الذي يشكل أغلبية بالمجلس التأسيسي، يقول إنّ "المؤتمر" لم يعد يضمّ سوى 18 نائبا بالمجلس التأسيسي (من أصل 29)، ملوحا بإمكانية انضمام النواب المنسحبين لكتل نيابية أخرى.
ويرى المناعي أن هذه الخلافات منحت المعارضة "فرصة جديدة للتدخل أكثر بالشأن السياسي".
في المقابل، نفى سمير بن عمر المستشار القانوني لرئيس الجمهورية وعضو "المؤتمر" أن يكون للخلافات الداخلية بحزبه "أي تأثير سلبي على عمل الحكومة".
وقال للجزيرة نت "هناك أطراف يسعون لتصدير الأزمات للترويكا في إطار مساعيهم لإسقاط الحكومة والتشويش على عملها"، مؤكدا أنّ الترويكا "لا تزال تحافظ على وحدتها وصلابتها".
وعن الخلافات بالحزب، قال إن المكتب السياسي اتخذ قراره بعزل الأمين العام بسبب "تفرده بالقرار دون الرجوع إلى المكتب السياسي واحترام القانون الأساسي والنظام الداخلي للحزب".
وبشأن الخلط بين المسؤولية في الحكومة والحزب، أكد سمير بن عمر أنّ من حق أي مسؤول حكومي أن يتحمل مسؤوليات حزبية باعتبار أن القانون لا يمنعه من ذلك.
ويرى المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أنّه "من الطبيعي" أن تشكل الخلافات الحزبية "عنصر إضعاف" لحليفين رئيسيين لحركة النهضة في الائتلاف الحاكم.
لكنه لا يتصور أنّ العمل الحكومي سيتضرر بشكل مباشر، قائلا "الوزراء التابعون لحزب المؤتمر والتكتل جميعهم داعم للائتلاف الحكومي وبالتالي ستواصل الحكومة عملها".
ويقول "الإشكال لن يتعلق بالحكومة بقدر ما سيتعلق بتوازنات المرحلة القادمة"، مشيرا إلى أن استمرار الائتلاف الحالي "رهين" بقدرة حزبي المؤتمر والتكتل على تجاوز التداعيات هذه الانسحابات.
وبشأن استغلال المعارضة لهذه الخلافات، يقول "طبعا المعارضة هي أوّل مستفيد من هذه الانسحابات لأنها ستحاول من جهتها استثمار ذلك في صالحها وتحسين موقعها في الخارطة الحزبية".