دلالات احتفاء طهران بالمالكي


محمد العلي-الجزيرة نت
عاد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس إلى بلاده, بعد زيارة إلى إيران دامت يومين قوبل خلالها بحفاوة رسمية قلما تظهرها طهران لزعيم أجنبي.
واستقبل المالكي خلال زيارته القصيرة, من قبل مرشد الجمهورية علي خامنئي, والرئيس محمود أحمدي نجاد, ورئيس مجلس الشورى علي لاريجاني, وسكرتير مجلس الأمن القومي سعيد جليلي. مع العلم أنه استقبل بالمطار من قبل نائب الرئيس محمد رضا رحيمي.
وتراوحت التصريحات -التي أطلقها زعماء إيران، أثناء وجود المالكي- بين عرض نائب الرئيس "توحيد العراق وإيران ليشكلا قوة دولية" وما قاله نجاد عن "وجود عراق قوي وعزيز إلى جانب إيران". في حين ذهب خامنئي إلى حد اعتبار أن القمة العربية الأخيرة التي عقدت في بغداد الشهر الماضي "وضعت العراق على رأس الجامعة العربية".
وسبق هذه التصريحات بنحو أسبوع اختيار إيران لبغداد كي تكون مكان استضافة الجولة المقبلة من المحادثات الخاصة بأزمة برنامجها النووي مع الغرب.
لم يكن يخلو من الدلالة, أن المالكي اختار طهران كي تكون أول وجهة خارجية له منذ زوال الاحتلال الأميركي عن العراق نهاية العام الماضي. كما أنها كانت زيارة المالكي الأولى إلى طهران منذ أن زارها قبل عامين في إطار جولة إقليمية |
بالمقابل لم يكن يخلو من الدلالة, أن المالكي اختار طهران كي تكون أول وجهة خارجية له منذ زوال الاحتلال الأميركي عن العراق نهاية العام الماضي. كما أنها كانت زيارته الأولى منذ أن زارها قبل عامين في إطار جولة إقليمية شملت تركيا والسعودية وسوريا, وانتهت بالتوافق على تسميته رئيسا للحكومة رغم نيل قائمته ائتلاف دولة القانون المركز الثاني بالانتخابات.
بموازاة ذلك كان المالكي قد انخرط قبيل الزيارة مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان في حرب كلامية ساخنة اتهم أردوغان المالكي بسياقها بإذكاء التوتر بين السنة الشيعة والأكراد في العراق، بينما رد المالكي عليه بالقول إن تركيا تتدخل بالشؤون الداخلية للعراق، وأنها أصبحت دولة معادية للعراق في تلميح لاستقبالها نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي المطلوب قضائيا في بغداد.
محور إقليمي
هل تشير الحفاوة الإيرانية بالمالكي معطوفة على حربه الكلامية مع أردوغان, إلى احتمال قيام محور إقليمي جديد بمواجهة قوى إقليمية أخرى كالسعودية وتركيا؟
يقول المتخصص بالشؤون التركية والإيرانية محمد مجاهد الزيات في اتصال مع الجزيرة نت إن "التحالف بين إيران والعراق بدأ منذ الانسحاب الأميركي من العراق وتصاعد الأزمة السورية, وما هو متوقع من احتمال سقوط النظام في دمشق"، وأضاف أن "طهران تبحث عن نقطة ارتكاز بديلة لدمشق, ومنصة إقليمية بمواجهة تركيا فكان العراق هو المنصة".
ورأى الزيات كذلك "أن العراق سيكون جزءا من الإستراتيجية الإقليمية لطهران بمواجهة النفوذ التركي الذي سيتزايد مع سقوط نظام الرئيس بشار الأسد"، وأن "العراق بدوره يوجه رسالة إلى دول الخليج بأنه سيكون له دور في الأمن الإقليمي بمنطقة الخليج". واعتبر أن "سلوك المالكي يطرح علامة استفهام حول العراق الجديد, وما إذا كان يريد أن يقود عراقا مسلوب الإرادة؟".
يقول المتخصص بالشؤون التركية والإيرانية محمد مجاهد الزيات إن" "طهران تبحث عن نقطة ارتكاز بديلة لدمشق, ومنصة إقليمية بمواجهة تركيا فكان العراق هو المنصة" |
استقطابات حادة
بالمقابل يرى رئيس مركز دلتا للأبحاث المعمقة محمود حيدر أن الأمر ليس "بهذه الصورة الإطلاقية" موضحا أنه ليس بالضرورة أن ينشأ تحالف إستراتيجي من مجرد لقاء بين رئيسي البلدين. ويعتبر حيدر أن لزيارة المالكي إلى إيران بهذه الفترة بالذات دلالات تتعدى اللقاءات العادية باعتبار أن "المنطقة في حال احتدام وتعيش دولها حالة من الاستقطابات الحادة بين التحالفات".
ويرى حيدر أن "التحولات العاصفة تدفع كلا من العراق وإيران إلى بلورة لقاء بينهما ينطوي على بعد إستراتيجي ويتصل بالأمن القومي لكل من البلدين" معددا أسبابا لهذا اللقاء بينها "التواصل الجغرافي والحدود المشتركة" و"الرغبة المتبادلة في بناء منظومة تعاون على أسس جديدة بعد الحرب المديدة التي وقعت بينهما في الثمانينات" و"شعورهما بأنهما يواجهان معا محورا إستراتيجيا ودوليا ولو تفاوتت درجات العداوة بين كل منهما مع أطرافه".
ويختتم حيدر بالقول إن نشوء "تحالف إقليمي (بين العراق وإيران) هو في خانة الاحتمالات" مؤكدا أن "المنطقة تعيش حالة ضبابية وكل فريق يعمل على مراكمة عناصر القوة والتحصين للمواجهة إن حصلت".