ميدان التحرير يعيد الروح للثورة المصرية


أنس زكي-القاهرة
انقضت المليونية الأخيرة بـميدان التحرير بالعاصمة المصرية وانفض المشاركون فيها إلا قليلا، لكن آثار هذه المليونية تبدو أكبر وأعمق من أن تنقضي سريعا حيث تجمع قوى سياسية مختلفة على أنها كانت بمثابة استعادة الروح للثورة المصرية، فضلا عن كونها خطوة مهمة نحو استعادة الوفاق بين التيارات السياسية بعد شهور من الخلاف.
المتحدث باسم اتحاد شباب الثورة، تامر القاضي، قال للجزيرة نت إن احتشاد مئات الآلاف في ميدان التحرير، وميادين أخرى الجمعة الماضية، أكد أن الثورة تأبى إلا أن تكمل طريقها.
وأشار إلى أن الفترة الأخيرة شهدت أحداثا عديدة ساهمت في استعادة زخم الثورة، وفي مقدمتها سعي أبرز رموز نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك إلى المزاحمة على كرسي الرئاسة في مصر الثورة.
بدورها اعتبرت أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، د. باكينام الشرقاوي أن مليونية الجمعة ومن قبلها مليونية الجمعة السابقة التي نظمها التيار الإسلامي "أحيتا واحدة من أبرز سنن الثورة المصرية" وهي أنها كلما تراجعت واعتقد أعداؤها أنهم أوشكوا على إفشالها "فإذا بها تنتعش وتستعيد قوتها وعنفوانها".

ويتفق الكاتب الصحفي وائل قنديل مع هذا الطرح، حيث يؤكد أن الثورة المصرية عادت قوية لتؤكد أن المصريين لم يتأثروا بما تعرضوا له على مدى الأشهر الماضية من محاولات للخداع وتزييف الوعي، حيث طالب الجميع بعزل الفلول وإعلان القطيعة الكاملة مع النظام السابق.
من جانبه، أكد المتحدث باسم حزب النور السلفي، نادر بكار، للجزيرة نت أن عودة الحشود إلى الميادين في الجمعتين الماضيتين، مثلت رسالة واضحة إلى المجلس العسكري الذي تسلم السلطة بعد تنحي مبارك، بأن الثورة ما زالت حية وأن المصريين لن يقبلوا بأي التفاف على الثورة.
أما منسق القوى الثورية، المستشار د. محمد فؤاد جاد الله، فحكى للجزيرة نت عن الاستعدادات التي سبقت مليونية الجمعة الماضية قائلا إن الأيام السابقة شهدت سلسلة من الاجتماعات بين القوى السياسية انتهت إلى عدة نتائج كان في مقدمتها ضرورة استعادة زخم الثورة وتوحيد الصفوف وتجميع القوى السياسية بمختلف توجهاتها.
وكشف جاد الله، للجزيرة نت، عن مشاورات تجري حاليا بهدف تشكيل جبهة لحماية الثورة تضم كل القوى المشاركة "خاصة مع ما يبدو في الأفق من محاولات جديدة للالتفاف عليها" ولفت بهذا الشأن إلى ما تردد بالساعات الماضية عن احتمال سعي المجلس العسكري لإحياء دستور 1971 الذي تم تعطيله عقب نجاح الثورة.

تلاحم القوى
من جهة أخرى، يبدو جاد الله متفائلا بعودة التلاحم بين القوى السياسية بعد شهور من الاختلاف بين ممثلي التيار الإسلامي من جهة والتيارات الليبرالية واليسارية من جهة أخرى، وقال إنه يعتقد أن الرسالة وصلت إلى الجميع.
كما رحب تامر القاضي بعودة القوى الإسلامية إلى ميدان التحرير، لكنه أكد ضرورة أن يكون ذلك وفق أهداف الثورة وبضمان ألا تنفصل هذه القوى عن القوى الثورية أو تتخلى عنها مجددا وفق قوله.
أما باكينام الشرقاوي، فتعتقد أن القوى السياسية باتت تدرك أنها في قارب واحد وأن الخطر الذي يحدق بالجميع أصبح أكبر من ذي قبل، معربة عن أملها في أن يدفع هذا نحو الوحدة والتوافق بين القوى المختلفة.
في السياق نفسه، حرص المتحدثون للجزيرة نت على التأكيد بأن استعادة اللُحمة بين القوى المختلفة لن تتم بين عشية وضحاها. وتعليقا على بعض التصريحات من قبيل مطالبة بعض الليبراليين بضرورة تقدم الإخوان المسلمين باعتذار عما سموه أخطاء الفترة الماضية، دعا بكار إلى عدم الانشغال بالآراء المتطرفة التي تصدر من أي جانب، وأكد ضرورة التركيز على المهمة الأساسية وهي إنجاح الثورة.