قضية الحيدري تثير جدلا بالعراق


علاء يوسف-بغداد
فجّر توقيف رئيس المفوضية العليا للانتخابات بالعراق فرج الحيدري حراكا في أوساط الكتل السياسية، بهدف سحب الثقة من حكومة نوري المالكي على خلفية الأزمة السياسية الدائرة بينه وبين معارضيه، الذين باتوا يتهمونه صراحة بالدكتاتورية والانقلاب على العملية السياسية. بالمقابل يتهم المالكي منتقديه بأنهم يريدون إعادة ثقافة البعث وإرباك الأوضاع عن عمد في البلاد.
وقالت النائبة عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري مها الدوري في حديث لوكالة السومرية نيوز، إن "المالكي اتهم شركاءه بإعادة البعث في وقت يعمل فيه مكتبه بوصايا البعث".
وأضافت "من يصف المدافعين عن استقلالية مفوضية الانتخابات بالساعين لإعادة البعثيين عليه أن يتذكر أنه هو من أعادهم من خلال استثنائهم من قرارات المساءلة والعدالة وتجميد الهيئة".

اتهام
واتهمت الدوري رئيس الحكومة بأنه "لا يحترم القضاء ويعمل لمصالحه الشخصية.. ويدير ظهره للأخطار التي تحيط بالعراق من أجل البقاء في السلطة".
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد أكد في بيان له السبت الماضي أن "من أمر بهذا الاعتقال هو الأخ نوري المالكي بالتحديد.. ولعل الاعتقال يصب في مصلحة الأخ رئيس الوزراء حسب ظني لأنه يسعى إلى تأجيل أو إلغاء الانتخابات.. فاحذروا".
وينظر النائب المستقل السابق شاكر كتاب بقلق شديد إلى اعتقال الحيدري مؤكدا "أن هذه القضية تختلط بعدة أمور، أولها أن هناك مؤشرا قضائيا يشير إلى عدم نزاهة المسؤولين في الهيئات الكبرى، والمؤشر الثاني أن الهيئات المستقلة ليست مبنية بشكل يخدم بلدنا ويخدم العملية السياسية".
ويؤكد كتاب أن الخطورة تكمن في أن اعتقال الحيدري كشف، بحسب قوله، "وجود صراع على المفوضية، فهناك من يؤيد الاعتقال وهناك من يرفضه والطرفان يتصرفان من خلفية سياسية وليست مهنية".
ويرى كتاب أن "هناك تكتلا ونوعا من الترتيبات من داخل العراق أو ربما من جهات خارجية لإزاحة المالكي وتشكيل حكومة جديدة".
من جهته أعلن رئيس كردستان العراق مسعود البارزاني -في تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز بعد لقاء مع الرئيس الأميركي باراك أوباما الأسبوع الماضي- أنه سيدعو إلى اجتماع للرئاسات الثلاث، الجمهورية والوزراء والبرلمان، مشيرا إلى أنه "إذا لم يحضر المالكي للاجتماع فلن نقبل ببقائه رئيساً للوزراء".

إهانة المؤسسات
فيما اعتبرت القائمة العراقية اعتقال الحيدري إهانة لمؤسسات البلد المستقلة، وقال نائبها في البرلمان طلال خضير الزوبعي إن "اعتقال الحيدري استهانة بعمل المفوضين والعاملين في الهيئات المستقلة التي يجب أن تكون بعيدة عن سيطرة الحكومة".
وأضاف أن "الحكومة أرادت بهذا الاعتقال أن تخضع مفوضية الانتخابات لسلطتها إلا أنها فشلت بسبب إرادة وصلابة رئيسها الحيدري".
ويتهم الزوبعي الحكومة بأنها "تتجه بالبلاد نحو حكم الحزب الواحد والعودة إلى النظام الدكتاتوري من خلال الاستحواذ على كل ما من شأنه تعزيز وتقوية إمكانية بقاء هذه الحكومة"، مشيراً إلى أن "جميع الكتل السياسية وصلت إلى قناعة تامة أن المالكي يحاول السيطرة على مقاليد الحكم من خلال الهيمنة على جميع مفاصل الدولة".
وفي السياق ذاته تؤكد النائبة عن التحالف الكردستاني شيان طاهر سعيد أن هذه القضية كانت في الأدراج منذ 2010 بعد رفض المفوضية إعادة فرز نتائج الانتخابات بجميع المحافظات، وفشلت محاولات تحالف دولة القانون داخل البرلمان في سحب الثقة عن المفوضية في يوليو/تموز من العام الماضي.
وتؤكد شيان سعيد أن هناك تحركات على مستوى التحالف الكردستاني وبعض الأطراف من التحالف الوطني والكتلة العراقية بالتنسيق لعمل شيء ما ضد المالكي.
المحلل السياسي وعميد كلية العلوم السياسية في دهوك الدكتور ناظم يونس عثمان يرى أن الاعتقال فيه إشارات من الحكومة إلى أصحاب المناصب المهمة، مشيرا أن الحكومة توجه رسالة بأن الكل معرض للمساءلة والعقوبة، والكل معرض للاعتقال مهما كان منصبه وارتباطاته.. و قضية طارق الهاشمي كانت فيها أيضا رسالة بأن السلطة التنفيذية قادرة على فعل أو إصدار أي قرار.