نقص الأدوية يهدد المرضى الفلسطينيين


عاطف دغلس-نابلس
يعيش الفلسطينيون عامة والمرضى على وجه الخصوص حالة من القلق والخوف هذه الأيام جرّاء أزمة حادة في نقص كثير من الأدوية في القطاع الصحي الحكومي.
وأكدت مصادر مطلعة للجزيرة نت أن النقص شمل حتى الآن أكثر من مائة صنف دوائي، بينها نحو عشرين للأمراض المزمنة، إضافة إلى نقص ستين صنفا من المستلزمات الطبية، أدت لوقف مستشفيات عن إجراء عمليات جراحية لبعض المرضى وهددت حياة آخرين.
ويعود هذا النقص إلى وقف تزويد موردي الأدوية ومصنعيها لوزارة الصحة باحتياجاتها العلاجية نظرا لمديونية وزارة الصحة والحكومة لهذا القطاع.
وقال رئيس اتحاد موردي الأدوية هيثم مسروجي إن هذا النقص ناجم عن عدم تسديد وزارة الصحة ووزارة المالية لفواتير شركات الأدوية.
وكشف في حديث للجزيرة نت عن انقطاع مائة صنف دوائي من مستودعات وزارة الصحة، وأنه بعد شهر من الآن ستفقد وزارة الصحة أدوية أخرى ما لم تقم بدفع ديونها "التي تجاوزت ثمانين مليون دولار".

مخاطر محدقة
وحذّر مسروجي من توقف عمل بعض المراكز الصحية، "كما حصل في مستشفى الخليل الحكومي الذي أعلن وقف عملياته".
ورغم أن وزارة الصحة تعيش هذه الأزمة منذ منتصف 2010، فإن أصحاب شركات الأدوية والموردين استمروا في تقديم احتياجات الوزارة "التي تتأخر في السداد".
ورفض مسروجي تحميل المسؤولية لقطاع الموردين، وقال إنهم استدانوا من البنوك لتأمين احتياجات الوزارة وتكبدوا خسائر فادحة وفوائد بنكية عالية، داعيا لحل الأزمة بشكل سريع "وخلال الأيام القادمة" حتى لا يتحول الوضع إلى كارثة صحية.
من جانبه لم يخف وكيل وزارة الصحة الفلسطينية عنان المصري وجود نقص في الأدوية، وأرجع ذلك إلى عزوف موردي الأدوية عن تقديمها نتيجة استحقاقاتهم المالية التي لم تتحقق، جرَّاء الأزمة الخانقة التي تعيشها السلطة بشكل عام.
ونفى أن يكون نفاد هذه الأدوية عائدا إلى ذهابها لقطاع غزة، وقال "إن القطاع جزء من الوطن والتوزيع يكون متساويا هنا وهناك".
تعويض النقص
وتعمل وزارة الصحة ورئاسة الوزراء -حسب المسؤول الفلسطيني- على بحث الأزمة وحلها خلال الفترة القريبة، وقال إنهم يحاولون السيطرة على الموضوع وتوفير بعض الأدوية الناقصة عبر جهود سياسية تبذلها القيادة الفلسطينية مع مؤسسات ومنظمات دولية لحل الأزمة.

ورغم هذا النقص في الأدوية تعمل بعض الدوائر الصحية بطرق مختلفة لسد هذا النقص وتقديم الخدمات للمواطنين.
يقول مدير مستشفى الوطني الدكتور حسام الجوهري -المختص بعلاج الأمراض الخطرة كالسرطان والسكري وأمراض الدم- إنهم لم يصلوا إلى "حالة تأذى بها أي مريض".
وأضاف -للجزيرة نت- إنهم عملوا على تبديل الأدوية الناقصة بأخرى متوفرة لديهم لسد احتياجاتهم.
كما لجأ مستشفى رفيديا الحكومي بمدينة نابلس -حسب مديره الدكتور خالد صالح- لاستعارة ما يحتاجونه من نواقص دوائية ومستلزمات من مشاف ومراكز خاصة، "كي لا يتم تأجيل أي عملية مبرمجة أو طارئة لأي مريض أو تحويله لمستشفيات خاصة تتطلب مبالغ كبيرة".
قلة المال
وتنتشر 706 مراكز صحية متنوعة بالضفة الغربية وقطاع غزة، تدير وزارة الصحة 66% منها، أي ما يساوي 453 مركزا، إضافة إلى 76 مستشفى تدير الوزارة 26 منها.
وهذا يجعل وزارة الصحة الفلسطينية "التي تقدر ميزانيتها بحوالي 11% من موازنة السلطة"، بحاجة لما يزيد على عشرة ملايين دولار كمصاريف تشغيلية شهريا باستثناء الرواتب، ولمليون دولار يوميا كمصاريف ورواتب مجتمعة، كما يقول الدكتور عمر النصر مدير العلاقات العامة والإعلام بالوزارة.
وقال للجزيرة نت إن عدم توريد وزارة المالية أموالا لوزارة الصحة بالقدر الكافي نتيجة الضائقة المالية التي تعاني منها السلطة، ضاعف الأزمة وجعل الديون دوارة وليست متراكمة.
ولفت النصر إلى أن التجاوب الدولي وحتى العربي بتوفير الدعم المالي واحتياجات الوزارة لم يكن بالقدر الكافي حتى الآن "رغم مناشدتهم منذ منتصف مارس/آذار الماضي".