عائلة القذافي والحدود بزيارة عبد الجليل للجزائر


هشام موفق-الجزائر
يختتم رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي المستشار مصطفى عبد الجليل اليوم زيارته الأولى من نوعها منذ ثورة 17 فبراير/شباط للجزائر، وسط تجدد دعاوى لتسليم عائلة العقيد الراحل معمر القذافي المقيمة بالجزائر للسلطات الجديدة بطرابلس. كما يطفو ملفا التعاون الأمني وتأمين الحدود على هذه الزيارة.
وكانت العلاقات الجزائرية الليبية قد عرفت توترا كبيرا بسبب اتهامات كالتها لها جهات من الثوار الليبيين بدعم نظام القذافي خلال الثورة الليبية بالسلاح والمرتزقة. ونفت الجزائر تلك الاتهامات في أكثر من مناسبة.
لكن هذه العلاقة بدأت تتحسن تدريجيا، وتكللت بلقاءات بين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والمستشار عبد الجليل في كل من تونس والدوحة برعاية قطرية.
وبقيت، مع ذلك، مآخذ ليبية على النظام الجزائري كمسألة إيواء أفراد من عائلة القذافي بالجزائر، وهو ما ترفضه الجزائر التي قالت إنها استقبلتهم "لدواع إنسانية بحتة" تتعلق بحمل عائشة القذافي بمولودة حينها.
وتطلب طرابلس من السلطات الجزائرية تسليم كل أفراد العائلة المكونة من أبناء القذافي محمد وحنيبعل وعائشة وزوجته صفية، من أجل محاكمتها على الأراضي الليبية.
وقال عضو المجلس الوطني الانتقالي الليبي سالم مسعود قنان إن ليبيا "تقدر وتتفهم المواقف الإنسانية التي اتخذتها الجزائر لدى استضافتها لبعض أفراد عائلة القذافي".
غير أنه أردف خلال إجرائه محادثات مع وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي، "إننا نريد مساعدة إخواننا الجزائريين خاصة إذا ما صدر عن هؤلاء الأشخاص تصرف أو سلوك يمكنه أن يضر بمصلحة وأمن ليبيا"، حسبما جاء في وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.

تحديات
وتواجه هذه الزيارة تحديات مختلفة، أهمها ما رُوّج أن المستشار بصدد تحضير تسوية ما مع عائلة القذافي بإشراف جزائري.
وقال رئيس حزب العدالة والديمقراطية الليبي الدكتور الهادي شلوف، إن "التشكيلات السياسية الليبية ترفض رفضا قاطعا أي تسوية أخرى لوضعية عائلة القذافي الموجودة في الجزائر، وتطالب بتسليمها فورا إلى القضاء الليبي لمحاكمتها".
وأضاف -في تصريحات نقلتها عنه صحيفة "الشاهد" -إن "أي لقاء بين رئيس المجلس الوطني الانتقالي المستشار مصطفى عبد الجليل وعائلة القذافي بالجزائر، سيعتبر خيانة للشعب الليبي، والتفافا حول القرارات التي اتفقت حولها التشكيلات السياسية بليبيا".
من جانبه، طالب رئيس حزب تجمع 17 فبراير الوطني الحر الليبي يوسف أبو جعفر، بتقديم تعهد مكتوب إلى الانتقالي الليبي، يحوي "اعتذارا رسميا للشعب الليبي عما اقترفه النظام السابق من جرائم".
واشترط المتحدث "ألا يستخدموا أموالهم ونفوذهم في زعزعة استقرار ليبيا، وأيضا أن لا يقوموا بالتحريض أو الاتصال بالجماعات المسلحة من العناصر الموالية للعقيد الراحل معمر القذافي"، حسبما جاء في نفس الصحيفة.

أهمية الزيارة
وبالرغم من ذلك فإن هذه الزيارة تكتسي أهمية "بالغة" لأنها "مناسبة للتشاور حول التطورات التي تشهدها المنطقة على ضوء الأحداث الأخيرة وما تفرضه من تحديات"، حسبما جاء في برقية لرئاسة الجمهورية الجزائرية.
ويطفو ملفا التعاون الأمني وتأمين الحدود على هذه المشاورات. و"شكل ملف التعاون الثنائي والقضايا المرتبطة بالأمن الحدودي" محور محادثات المسؤولين، حسبما أوردته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.
ويرى المحلل السياسي الدكتور مصطفى صايج أن أهمية هذه الزيارة تكمن في الأساس في إعادة الثقة بين السلطة الجديدة في ليبيا والسلطات الجزائرية، بعد الجولات الرسمية التي قادت وزراء الخارجية والداخلية والتجارة إلى طرابلس، وكذا لقاءات بوتفليقة وعبد الجليل.
وقال صايج -للجزيرة نت- إن "كلا البلدين اقتنعا أنه لا يمكنهما تغيير حتمية الجغرافيا، لذلك نلمس إرادة قوية من الطرفين لإعادة المياه إلى مجاريها بعد الأزمة الداخلية الليبية".
ويستدل المتحدث بالمقترحات الجزائرية الجديدة للسلطات في طرابلس بتقديم الدعم والتدريب للأجهزة الليبية المشكلة حديثا.
وأهم نتائج ذلك -حسب صايج- هو إرساء الثقة بين الجانبين، وكذا التوافق على ملفات عدة أهمها المشكلات الأمنية العويصة التي تواجه البلدين في أمن الحدود المشتركة ومحاربة تهريب السلاح.
من جهة أخرى، أشار الباحث إلى المسائل الاقتصادية التي يريد الطرفان الدفع بها في هذه الزيارة، وعلى رأسها استثمارات شركة النفط والغاز الجزائرية (سوناطراك) في الحقول الليبية.