جدل مثقفي مصر بشأن التأسيسية


وحذرت من أن التجربة المصرية دأبت على وضع نصوص جيدة بدساتيرها، ولكن التطبيق يفرغها من مضمونها بيد الحاكم المتسلط، الذي يخترق القانون والدستور والمؤسسات.
ومن جهته أبدى الروائي إبراهيم عبد المجيد تحفظه على تشكيل الجمعية التأسيسية، لأنه يرى أن "الأغلبية البرلمانية من حقها سن قوانين يمكن تغييرها، أما الدستور فهو يبقى لعشرات السنين وربما مئات، ولذا يضعه الشعب، وليس أقلية أو أغلبية في لحظة ما ستتغير مع تداول السلطة".
ووصف عبد المجيد الدستور بالحالة الذهنية للأمة نحو الأفضل، كأساس رحب لنهضة إنسانية، تبنى عليها نهضة مصرية بجميع المجالات، جوهرها حرية العمل الأهلي والتطوعي، وتساوي الجميع في الحقوق والحريات.

حلم مشترك
ولفت المفكر والكاتب القبطي سمير مرقص إلى أن الشعب المصري لديه ثقافة دستورية راقية ومتحضرة، وأن الدستور يكتب لحظة الزخم الثوري وليس الغلبة السياسية، فالدستور هو حلم مشترك نحلم به سويا لمصر.
وتحفظ مرقص على فكرة وضع دستور في وقت قصير، لأنه يتطلب وقتا لدراسة المستجدات الفكرية والتكنولوجية وتأثيراتها، وتطوير منظومة الحقوق والحريات، وحقوق الفلاحين والعمال، وطبيعة النظام الاقتصادي الجديد، وغيرها من قضايا.
ومن ناحيته أكد عميد كلية الحقوق بجامعة المنوفية الدكتور محمد محسوب أن "المعارك النخبوية والخلافات الأيديولوجية هي معارك وهمية لا مبرر لها، لأن التيار الوسطي هو الغالب في مصر، سواء الليبرالي أو الإسلامي.
وأشار محسوب -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن هناك اتفاقا على أهمية وكفالة الحقوق والحريات العامة في الدستور الجديد، ومنها حرية الإبداع والبحث العلمي والوصول للمعلومات، وهذه قيم لا خلاف عليها، ولن تستطيع نخبة متطرفة في أي اتجاه هدمها، ولن يسمح الشعب بتقييدها مرة أخرى.
ودعا عميد الحقوق "النخب المثقفة المصرية للنزول إلى الشارع، والاقتراب من الجماهير، والتركيز على الفكر الوسطي بجميع التيارات، كقاعدة مشتركة تخاطب المجتمع بذات الأرضية الثقافية، التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة".
أزمة الجمعية التأسيسية ليست في تمثيل نسبة من داخل البرلمان ولا في الأشخاص، ولكن في ضعف الثقة بين الأطراف المعنية |
أزمة ثقة
ومن جانبه وصف مدير مركز الدراسات المستقبلية الدكتور جمال نصار تمثيل أعضاء البرلمان في الجمعية التأسيسية بأنه أمر "طبيعي وقانوني ودستوري، ويستند إلى مبررات موضوعية، أهمها أن الشعب اختار نوابه ومنحهم ثقته، ومشاركتهم تعد مشاركة وتمثيلا للإرادة الشعبية للناخبين".
وأكد نصار أن "أزمة الجمعية التأسيسية ليست في تمثيل نسبة من داخل البرلمان ولا في الأشخاص، ولكن في ضعف الثقة بين الأطراف المعنية"، لافتا إلى أن التأسيسية تضم شخصيات ممثلة لجميع أطياف وتيارات المجتمع، والجميع يعلم ماذا يريد المصريون من الدستور الجديد، والخلافات محدودة والمشترك واسع إلى حد كبير.
ولفت مدير مركز الدراسات إلى وجود حالة تخوف غير مبررة من التيار الإسلامي بشكل عام، حتى قبل تأسيسية الدستور، وأن هناك حالة إعلامية تروج لفكرة استحواذ وهيمنة الإسلاميين على المشهد بدون إنصاف أو موضوعية.