جدل مستمر بمصر حول لجنة الدستور


أنس زكي-القاهرة
استمرت حالة الجدل في الشارع السياسي بمصر حول لجنة كتابة الدستور الجديد التي أقر البرلمان آلية تشكيلها بين مؤيد لهذه الآلية ومعترض عليها، في خطوة ستتوج مرحلة جديدة في تاريخ مصر المعاصر بعدما أطاحت ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 بنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وخلال الجلسة التي عقدها البرلمان المصري بمجلسيه (الشعب والشورى) أمس السبت، استقر الأمر على أن تُشكل اللجنة من مائة عضو، نصفهم من نواب البرلمان والنصف الآخر من خارجه، وهو ما مثل حلا وسطا بين مقترحيْ الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، وحزب النور السلفي، حيث صوت لصالح هذه النسبة نحو 80% ممن شاركوا في التصويت، مقابل 12% صوتوا لصيغة 30% من النواب و70% من خارج البرلمان.
وكان الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتولى إدارة أمور البلاد منذ فبراير/شباط 2011، قد نص على أن ينتخب البرلمان بمجلسيه جمعية تأسيسية من مائة عضو، تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد أقصاه ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، لكنه لم يوضح هوية أعضاء اللجنة، مما دفع البعض للمطالبة بأن يكون جميع الأعضاء من نواب البرلمان في مقابل من طالبوا بأن يكونوا جميعهم من خارج البرلمان.
ومن المقرر أن يُعرض مشروع الدستور الجديد خلال خمسة عشر يوما من إعداده على الشعب للاستفتاء، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء.
مؤيد ومعارض
وعقب الاستقرار على هذه الصيغة المناصفة لتشكيل اللجنة، برزت حالة من الجدل، حيث اعترض البعض، في مقابل آخرين رأوا أن الأمور تسير بشكل طبيعي يحترم اختيارات الشعب ويراعي مقتضيات عملية كتابة الدستور.
ويتخوف المعترضون على تشكيل آلية لجنة كتابة الدستور الجديد من أن يأتي الدستور في معظمه معبرا عن إرادة الأغلبية الجديدة (الإسلاميين) أو متأثرا بها, في حين يرى المؤيدون أن الإسلاميين جاؤوا باختيار الشعب، وبالتالي من حقهم القيام بدورهم خاصة وأن رموزهم أكدوا حرصهم على أن تتم كتابة الدستور الجديد في جو من التوافق.
وتعود بداية الجدل الحالي إلى نتائج أول انتخابات برلمانية بعد الثورة، التي أظهرت فوزا كبيرا للإسلاميين، وفي مقدمتهم حزب الحرية والعدالة، الذي حصد نحو نصف مقاعد مجلسي الشعب والشورى، إضافة إلى حزب النور الذي قاد تحالفا سلفيا حصل على نحو ربع المقاعد.

في هذا السياق، قال النائب عن حزب التحالف الاشتراكي الشعبي أبو العز الحريري إنه كان من الأفضل أن يتم اختيار أعضاء لجنة الدستور من خارج البرلمان بحيث يكون المعيار الأساسي هو الكفاءة.
ومن جانبه، أكد النائب مصطفى خليل أن نواب حزبي الحرية والعدالة والنور حصلوا على تأييد نحو 70% ممن شاركوا في انتخابات البرلمان، وهو ما يعني أن الشعب رأى أنهم الأجدر بتمثيله في البرلمان الذي كان معروفا أن أبرز مهامه الأولى ستكون تشكيل لجنة الدستور.
وبدوره وجه المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي، الذي انسحب مؤخرا من سباق انتخابات الرئاسة، انتقادا حادا لما قرره البرلمان، واعتبر أن هذا البرلمان الذي وصفه بأنه مشكوك في شرعيته في طريقه لاختيار لجنة غير محايدة لوضع الدستور.
كما أعربت حركة شباب 6 أبريل عن اعتراضها على الآلية التي تم التوصل إليها، وقال مؤسس الحركة أحمد ماهر إن مهمة مجلس الشعب هي تشكيل لجنة صياغة الدستور فقط وليس السيطرة عليها.
حق البرلمان
في المقابل، رد المتحدث باسم حزب النور نادر بكار بحدة على منتقدي قرار البرلمان، وقال للجزيرة نت إن معظم الانتقادات التي تتوالى منذ فترة تستهدف تشويه الأغلبية التي حققها الإسلاميون، وقال "لو ذهبت هذه الأغلبية إلى تيارات أخرى لسمعنا كلاما كثيرا عن احترام الأغلبية التي اختارها الشعب".
وأشار بكار إلى أن حزب النور كان يقترح زيادة عدد النواب في اللجنة إلى 60 اعتمادا على اتجاه دستوري يؤكد أن تشكيل اللجنة حق أصيل للبرلمان، لكنه لم يتشبث بهذا الموقف من أجل تحقيق التوافق مع القوى الرئيسية الأخرى، والتأكيد على الحرص على المساحة المشتركة مع جميع القوى السياسية.
وأقر بكار بأن مهمة كتابة الدستور الجديد لمصر ستكون صعبة، لكنه أكد أن حزبه لن يدخر وسعا لمحاولة تقريب وجهات النظر، وأعرب عن ثقته في أن الدستور المقبل لمصر سيخرج بطريقة توافقية إذا رغب الجميع في ذلك.