غياب السلام يهدد إسرائيل

وديع عواودة-حيفا
دعا ضباط في جيش الاحتياط الإسرائيلي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى الدخول في مفاوضات فورية من أجل إقامة دولة فلسطينية أظهر استطلاع للرأي رفض معظم الإسرائيليين لها.
ويرى الضباط في عريضة -أطلقوها قبل يومين على الشبكة العنكبوتية وبعض الصحف العبرية- أن قيام دولة فلسطينية مصلحة إسرائيلية، وذلك على غرار بيان أصدره مطلع الشهر الحالي مثقفون يهود.
ويبرر الضباط دعوتهم بالإشارة إلى قناعتهم بأن اتفاقية سلام "شجاعة" ستحول دون عزل إسرائيل في العالم، ويؤمن استمرار وجودها "دولة يهودية ديمقراطية".
ويوضح الضباط -وهم برتب عسكرية مختلفة- أن هناك آفاقا جديدة أمام إسرائيل اليوم للعيش بسلام وتعاون مع دول الجوار.
ويلفتون إلى أنهم ملزمون بتنبيه نتنياهو من أجل تحاشي خطوات من شأنها أن "تجلب كارثة للإسرائيليين"، حتى تصبح "دولتهم تبكي عليها الأجيال".
الضباط الذين لا يخفون دوافعهم السياسية لا الأخلاقية يبدون قلقهم العميق من مستقبل إسرائيل، وينتقدون حكومة تفضل "أرض إسرائيل الكبرى" على علاقاتها والسلام مع جيرانها.
وتتابع المذكرة أو العريضة أن حكومة تؤثر بقاء المستوطنات على تصفية الصراع التاريخي وبناء علاقات طبيعية في المنطقة، تثير علامات استفهام بشأن أمان الطريق الذي تسلكه إسرائيل، "ولذا نناشدك (المقصود نتنياهو) باختيار السلام وتعزيز إيماننا بعدالة مسيرتنا لا سيما أن الأمن الحقيقي يتأتى فقط بالسلام".
يشار إلى أن مجموعة ضباط كبار في إسرائيل كانت قد توجهت لرئيس حكومتها الراحل مناحيم بيغن في 1978 وشجعته على توقيع اتفاقية السلام مع مصر.

فرصة التطبيع
وكان مثقفون إسرائيليون قد أكدوا في بيان مطلع الشهر تأييدهم للدولة الفلسطينية معتبرين أنها مصلحة إسرائيلية.
وذكر هؤلاء الذين التقوا وقتها بالرئيس محمود عباس في رام الله أن اعتراف إسرائيل بفلسطين في حدود 1967 سيؤدي إلى اعتراف عشرات الدول العربية والإسلامية بها ويمنحها فرصة التطبيع مع تلك الدول.
وردا على سؤال للجزيرة نت يوضح المحاضر الجامعي في العلوم السياسية بروفيسور يارون إزراحي أن ضباط الجيش المؤيدين للدولة الفلسطينية يدركون حدود القوة وقصر نظر التعويل عليها إلى الأبد.
ودعا إزراحي الضباط إلى المساهمة في اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية، لافتا إلى أنه يؤيد دولة فلسطينية لتحقيق نوع من العدالة ولكونها مصلحة لإسرائيل.
وسبق هؤلاء الضباط عضو لجنة التحقيق الرسمية في الحرب الثانية على لبنان البروفيسور يحزقيل درور بهذه الرؤية، حيث أكد في كتابه الجديد (مطلوب قائد لإسرائيل) الصادر هذا العام على أن الاحتلال خطر على إسرائيل.
ويوضح درور أن نتنياهو وووزير الدفاع إيهود باراك يدركان حاجة إسرائيل إلى ذلك غير أن إدارتهما ضعيفة، وهما لا يتمتعان بميزات القائد الذي يصنع التاريخ.
ويدعو الكاتب نتنياهو إلى مصارحة الإسرائيليين بالحقيقة، وهي ضرورة التنازل عن الضفة رغم رمزيتها العاطفية إذا كانوا يريدون إسرائيل دولة يهودية ويضيف "لكنه عاجز عن فعل ذلك".
ضد السلام
وفي مقابل تللك الدعوات، يتضح أن موقف القيادة يتطابق مع مواقف الإسرائيليين، إذ يبدي استطلاع رأي جديد لصحيفة يديعوت أحرونوت الأربعاء أن 55% من الإسرائيليين يعارضون اتفاق سلام يشمل انسحابا إلى حدود 1967 رغم احتفاظه بالكتل الاستيطانية.
كما يرى 66% منهم أنه ليس هناك أي احتمال مستقبلي لاتفاق مع الفلسطينيين. وفي نفس الوقت يبدي نصفهم مخاوف على مستقبل إسرائيل.
ويعتقد 67% منهم أن نتنياهو لا يؤمن بإمكانية التوصل لسلام مع الفلسطينيين، ويؤكدون أن خطابه وخطاب الرئيس عباس عمقا قناعتهم باستحالة السلام بين الشعبين.
احتلال مجاني
ويعتبر الوزير السابق والمعلق السياسي يوسي ساريد أن ذلك دليل على توجه الإسرائيليين نحو اليمين والتطرف، مشيرا إلى أن أكثر من نصف الإسرائيليين يؤيدون التمسك بالاحتلال على سلام يعيد الضفة ويبقي الكتل الاستيطانية تحت سيادتهم.
ساريد الذي لا يخفي يأسه من "التسوية" يؤكد عدم اكتراث الإسرائيليين بالسلام مع الفلسطينيين بعدما بات الاحتلال مجانيا.